المقدمة الثانية : (في أنّ الإطلاق والاشتراط إضافيّان)
إن الإطلاق والاشتراط أمران إضافيّان وليسا بحقيقيّين ، إذ المطلق الحقيقي لا وجود له ، وكذا المشروط بكلّ شرطٍ ... والحاصل : إنّ الواجبات كلّها مشروطة ، سواء العقليّة ، كوجوب معرفة الباري تعالى ، فإنّه حكم عقلي مشروط بالقدرة ، أو الشرعيّة ، كوجوب الصّلاة والصّوم ... فإنها مشروطة بالبلوغ والعقل وغيرهما من الشروط العامّة.
فالمراد من الواجب أو الوجوب المطلق أو المشروط كونه مطلقاً أو مشروطاً بالنسبة إلى شيء ....
المقدمة الثالثة : (هل المراد إطلاق الهيئة أو المادة؟)
تارةً يطلق «الإطلاق» ، ويراد منه «إطلاق المادّة» ، ومرادهم منها «الواجب». وأخرى : يطلق «الإطلاق» ، ويراد منه «إطلاق الهيئة» ، ومرادهم منها «الوجوب».
إن مثل «صلّ» مركّب من مادّةٍ هي «الصّلاة» ومن هيئةٍ هي «هيئة افعل». والشرط يرجع تارةً : إلى طرف الهيئة فيقال : الوجوب مقيدً ومشروط بكذا. واخرى : يرجع إلى المادّة فيقال : هذا الواجب مشروط بكذا ... لكنْ لا يخفى : أنه متى تقيّدت الهيئة ، وكان الوجوب مشروطاً بشرطٍ ، تقيّد الواجب بتبعه قهراً ، فاشتراط وجوب صلاة الظهر بالزوال يخرج الصّلاة ـ أي : الواجب ـ عن الإطلاق بالنسبة إلى الزوال ، فلا تقع صلاة الظهر قبله بعد تقييد وجوبها به ... وهذا ما يحصل قهراً ... أمّا في حال العكس فلا ، فلو اشترط المولى في الواجب شرطاً وقيّده بقيدٍ ، فذلك لا يوجب التقييد والتضييق في الوجوب ، كاشتراط الصّلاة بالطهارة ، فإنّه لا يخرج وجوبها عن التوسعة.