يتوجّه إليه السؤال عن الفرق بين قيود المادّة وقيود الهيئة ، مع أنّ قيود الهيئة لها دخل في أصل مصلحة الشيء ، وإذا انتفت القيود لم يكن في الشيء مصلحة ، بخلاف قيود المادّة ، فإنّها دخيلة في فعليّة المصلحة لا في أصل وجودها.
مثلاً : الزّوال قيد لوجوب الصّلاة ، ومعنى ذلك : أنْ لا مصلحة للصّلاة قبل الزّوال ، وإنما تتحقّق بعده ، بخلاف الطّهارة التي هي قيد للواجب ، فإنّ الصّلاة ذات مصلحة بدون الطّهارة ، إلاّ أن المصلحة لا تتحقّق في الخارج ولا تحصل إلاّ بتحقق الطهارة مع الصّلاة ، وكونها مع الطهارة.
فلو رجعت القيود كلّها إلى المادة فما الفرق؟
فهذا السؤال متوجّه على الشيخ ، وانتظر الجواب!!
فاستدلّ الشيخ رحمهالله لامتناع رجوع القيد إلى الهيئة (١) بأنّ :
مفاد الهيئة معنىً حرفي ، والمعنى الحرفي جزئي ، والإطلاق إنّما يرد على أمرٍ قابلٍ للتضييق ، ولا تضييق أكثر وأشدّ من الجزئية ، والشيء الجزئي لا سعة فيه حتى يضيَّق ، فهو ـ إذن ـ غير قابل للتقييد ، سواء قلنا بأنّ التقابل بين الإطلاق والتقييد من قبيل العدم والملكة أو لا ... لأنه بناءً على كونه من هذا القبيل : إذا كان الجزئي غير قابل للتقييد فالإطلاق محال ، وإذا استحال الإطلاق في الجزئي كان التقييد محالاً.
هذا ، ولا يخفى أن الأساس في هذا الوجه كون مفاد الهيئة معنىً حرفيّاً ، وأمّا إذا كان معنىً اسميّاً كما لو قال : «إن جاءك زيد فيجب إكرامه» ، فهذا الوجه غير جارٍ.
__________________
(١) مطارح الأنظار : ٤٥ ـ ٤٦.