القيد إلى الهيئة ، غير مفيد ، بعد الاعتراف بكون الموضوع له الحروف خاصّاً ، لأنّ الخاص لا يقبل الإطلاق والتقييد كما هو واضح ، فلا سبيل إلاّ إنكار هذه الجهة والقول ـ كما هو المختار ـ بأن المعاني الحرفيّة فيها سنخ عمومٍ ، فكما يأتي إلى الذهن معنى مستقل من «الابتداء» قابل للانطباق على كثيرين ، كذلك يأتي إلى الذهن معنى غير مستقل من «مِن» قابل للانطباق على الموارد الكثيرة.
وهكذا يندفع برهان الشيخ ، الذي كان الدليل الأوّل لامتناع رجوع القيد إلى الهيئة.
وهو ما ذكره الميرزا : من أنّ المعنى الحرفي لا يقبل اللّحاظ الاستقلالي ، وكلّ ما لا يقبل اللّحاظ الاستقلالي ، فهو لا يقبل الإطلاق والتقييد ... فالقيد لا يرجع إلى الهيئة ومعناها حرفي.
فالمانع آليّة المعنى الحرفي ، لا جزئيّته كما ذكر الشيخ.
قال الأستاذ
إن هذا الدليل إنما يتوجّه ، فيما إذا كان الوجوب مستفاداً من الهيئة ، أمّا في الجملة الاسمية الدالّة على الوجوب فلا موضوع له ، لأنّ الوجوب حينئذٍ مدلول اسمي ، وليس الدالّ عليه معنىً حرفيّاً.
ولذا جاء الشيخ ـ لما ذهب إليه من رجوع القيد إلى المادّة ـ ببرهانين ، أحدهما : البرهان على امتناع رجوعه إلى الهيئة ، وهو ما تقدّم ، والآخر : البرهان على ضرورة رجوعه إلى المادّة ، ليشمل ما إذا كان الدالّ على الوجوب معنىً اسميّاً وهذا ما وعدنا سابقاً ببيانه.