وجوب ، بل هو عند الزوال ، يتوجّه السؤال بأنّه كيف يتحقق الإرادة الحقيقيّة والوجوب للصّلاة عنده ، والمفروض عدم وجود إنشاء آخر؟
والحاصل : إنه إن لم يكن عند الزوال للصّلاة وجوب ، فهذا معناه إنكار الوجود الفعلي للحكم ، وإن كان لها وجوبٌ عنده ، فإنْ كان بالإنشاء السّابق رجع إشكال الانفكاك ، وإن كان بغيره ، فالمفروض أنْ لا إنشاء آخر.
إن في مثل : «إذا زالت الشمس فصلّ» اموراً : أحدها : الاستعمال ، والثاني : البعث الفرضي ، والثالث : البعث التحقيقي.
لقد استعملت هيئة «فصلّ» بعد الفاء في البعث ، والمادّة هي الصّلاة ، وهنا : بعث له ثبوتان وإثباتان ، ثبوت فرضيٌ للبعث ، على أثر كون القيد والشرط مفروضاً ، فكان المشروط ثابتاً بالثبوت الفرضي ، وهذا الثبوت الفرضي متّحد مع الإثبات الفرضي ، بحكم الاتّحاد بين الوجود والإيجاد ، وثبوت تحقيقي يكون في حال فعليّة القيد والشرط ـ أي الزوال ـ وهذا الثبوت غير منفكٍ عن الإثبات التحقيقي.
فتلخّص : إن الاستعمال غير منفك عن المستعمل فيه ، والإثبات والثبوت الفرضي غير منفك أحدهما عن الآخر ، والإثبات والثبوت التحقيقي كذلك ، فأين الانفكاك؟
وهذا توضيح ما جاء في (نهاية الدراية) (١) حيث قال : «إن الإنشاء إذا اريد به ما هو من وجوه الاستعمال ، فتخلّفه عن المستعمل فيه محال ، وجد البعث الحقيقي أم لا ، وإذا اريد به إيجاد البعث الحقيقي ...».
__________________
(١) نهاية الدراية ٢ / ٦٤.