وفيه :
إن الإنشاء إمّا مبرز للمعنى وامّا موجد ، ولا ثالث ، وعلى الثاني : إمّا يوجد المعنى بعين وجود اللّفظ ، وامّا يوجد المعنى بغير وجود اللّفظ ، ولا ثالث.
فإن كانت الهيئة كاشفة عن المعنى ومبرزةً له ، فلا إنشاء على مسلك المشهور ، فالإنشاء إذاً موجد للمعنى ... فهل وجوده بعين وجود اللَّفظ؟ التحقيق : إن لكلّ مفهوم وماهيّة وجودين حقيقةً لا أكثر ، أحدهما : الوجود الذهني ، والآخر : الوجود الخارجي ، وأمّا غير هذين الوجودين فلا يكون إلاّ بالاعتبار ، لكنّ الواضع ليس عنده هذا الاعتبار ، فإنّه لا يعتبر الاسم وجوداً لذات المسمّى ، وما اشتهر من وجود : الوجود اللّفظي والوجود الكتبي ، إلى جنب الذهني والحقيقي ، فلا أصل له : هذا أوّلاً.
وثانياً : إن المحقق الأصفهاني يرى أنّ حقيقة الوضع عبارة عن اعتبار الوضع ، فإيجاد المعنى بعين وجود اللّفظ مردود ، على مسلكه في تعريف الوضع أيضاً.
وعليه ، فينحصر وجود المعنى بأنْ يكون بغير وجود اللَّفظ ، فإنْ كان ذاك الوجود في ظرف وجود الهيئة والإنشاء ، لزم الوجود الفعلي للمشروط قبل تحقّق شرطه ، وإن كان بعده ، لزم الانفكاك بين الإيجاد والوجود.
ما ذكره المحقق العراقي (١) ويتمّ توضيحه ضمن الامور التالية :
١ ـ إنّ حقيقة الحكم عند المحقّق العراقي عبارة عن الإرادة التشريعيّة
__________________
(١) نهاية الأفكار ١ / ٢٩٥.