اعتباري وليس بتكويني ، فكيف تكون الإرادة التشريعية المبرزة هي الحكم؟
وثانياً : كيف تكون الإرادة في الواجبات المنوطة فعليّةً ، مع عدم تحقّق القيد بعدُ؟ إن كان المراد من «الإرادة» هو «الشوق الأكيد» ففعليّته قبل تحقق القيد معقول ، وقد ظهر أن الشوق ليس الحكم ، بل الإرادة المبرزة هي الحكم ، وتحقّقها يستلزم تحقق المراد ولا يمكن الانفكاك ، لكنّ التحقق لا يعقل مع فرض الإناطة.
وثالثاً : كيف تكون الإرادة فعليةً وفاعليّتها غير متحقّقة؟ إن هذا خلف ، لأنها إن كانت فعليةً ، فلا يعقل تخلّفها عن فاعليّتها ، فإذا كان الزوال دخيلاً في المصلحة وهو غير حاصل ، كيف يتعلّق الإرادة الفعليّة بالمراد؟ وكانت الإرادة الفعليّة حاصلة ، بأنْ علم المكلَّف أنّ المولى تعلّقت إرادته قبل الزوال بالصّلاة وقد أبرز هذه الإرادة ، فلا محالة تتحقّق الفاعليّة أيضاً ... ولا يعقل الانفكاك.
قال في (المحاضرات) (١) : الصّحيح أن يقال : لا مدفع لهذا الإشكال بناءً على نظريّة المشهور من أنَّ الإنشاء عبارة عن إيجاد المعنى باللّفظ ، ضرورة عدم امكان تخلّف الوجود عن الإيجاد ، وأمّا بناءً على نظريّتنا : من أن الإنشاء عبارة عن إبراز الأمر الاعتباري في الخارج بمبرزٍ ، من قول أو فعل ، فيندفع الإشكال من أصله.
قال : والسّبب في ذلك هو : إنّ المراد من «الإيجاب» إمّا إبراز الأمر الاعتباري النّفساني ، وامّا نفس ذاك الأمر الاعتباري ، وعلى كلا التقديرين ، لا محذور من رجوع القيد إلى مفاد الهيئة. أمّا على الأوّل ، فلأنّ كلاًّ من الإبراز
__________________
(١) محاضرات في أصول الفقه ٢ / ٣٢٣.