هنا بين المفهوم والداعي ، كما قال بوقوع الاشتباه بين المفهوم والمصداق في مدلول مادّة الأمر ، كما تقدّم.
مختار الاستاذ
وقد اختار الاستاذ ـ في هذه الجهة ـ قول المحقق الخراساني ، قال : والارتكاز ، والوجدان ، والاستعمالات ، كلّها تثبت هذا القول ، وقصارى ما يمكن أن يقال هو : إن الصيغة في الطلب الإنشائي حقيقة ، وفي غيره مجاز.
إشكال السيّد الاستاذ
أقول : وكما وقع الإشكال فيما ذكره من الاشتباه بين المصداق والمفهوم كما تقدّم ، كذلك فيما ذكره من الاشتباه بين المفهوم والداعي ، فقد أفاد السيد الاستاذ بأنّ ما ذهب إليه من كون الصيغة مستعملة لإيجاد الطلب إنشاءً وإنما يختلف الداعي إليه ، غير معقول ثبوتاً «فإنّ الداعي ـ بحسب ما يصطلح عليه ـ هو العلّة الغائيّة ، بمعنى ما يكون في تصوّره سابقاً على الشيء وفي وجوده الخارجي مترتّباً عنه ، فيقال : «أكل» بداعي تحصيل الشبع ، فإن الشبع تصوّراً سابق على الأكل وبلحاظ ترتّبه على الأكل ينبعث الشخص إلى الأكل ، ولكنه وجوداً يترتب على الأكل ويتأخّر عنه ، وعليه : فصلاحيّة الأمور المذكورة ـ من تمنٍّ وترجٍّ وتعجيز وتهديد وامتحان وسخرية ـ لأنْ تكون داعياً للإنشاء في الموارد المختلفة ، يصحّ في فرض ترتّب هذه الأمور على الإنشاء وجوداً وأسبقيّتها عليه تصوّراً ، وليس الأمر فيها كذلك ...».
ثم قال ـ بعد أن أوضح وجه عدم كون الأمر فيها كذلك ـ «فالأولى : أن
__________________
ـ يذكر للصيغة معانٍ قد استعملت فيها ، وقد عُد منها : الترجي والتمني والتهديد والإنذار والإهانة والاحتقار والتعجيز والتسخير ، إلى غير ذلك. وهذا كما ترى ، ضرورة أن الصيغة ما استعملت في واحدٍ منها بل لم تستعمل الا في انشاء الطلب إلا أن الداعي الى ذلك ... يكون أحد هذه الامور.