تكويني فعلي ، ولا مانع من أن يكون المعبَّر متأخّراً عنه ... وإن من خاصيّة الاعتبار امكان تعلّقه بالأمر المعدوم فعلاً الموجود في عالم الفرض كما في الوصية ، حيث يفرض الآن الملكية بعد الموت ويحقّقه في عالم الاعتبار.
هذا تمام الكلام على هذه المشكلة ، وبالله التوفيق.
وبعد الفراغ عن البحث حول ما استدلّ به على امتناع رجوع القيد إلى الهيئة ، الدالّ بالالتزام على رجوعه إلى المادّة ، نتعرّض للدليل الذي أقامه الشيخ الأعظم رحمهالله على ضرورة رجوعه إلى المادّة ، وهو برهان وجداني ، فقال ما حاصله (١) :
إن العاقل إذا التفت إلى شيء ، فإمّا يطلب ذلك الشيء أو لا ، والثاني خارج عن البحث ، وعلى الأوّل : فإمّا يطلبه على جميع تقادير وجوده أو يطلبه على بعض التقادير ، والأوّل خارج عن البحث ، وعلى الثاني : فالتقدير إمّا غير اختياري ، كمطلوبيّة الصلاة على تقدير تحقق الزوال ، وامّا اختياري كمطلوبيّة الحج على تقدير الاستطاعة ، وفي الاختياري تارة : يكون القيد داخلاً تحت الطلب ، كالطّهارة بالنسبة إلى الصّلاة ، وأخرى : لا يكون ، كالاستطاعة بالنسبة إلى الحج.
يقول الشيخ : ففي جميع صور مطلوبيّة الشيء على تقدير حصول أمر اختياري ، يكون الطلب فعليّاً والمطلوب غير فعلي ، فيكون القيد دائماً قيداً للمادّة دون الهيئة ، إذ المطلوب معلَّق على شيء دون الطلب ، سواء قلنا بتبعيّة الأحكام للمصالح والمفاسد كما هو الحق ، أو بعدم التبعية كما عليه الأشاعرة ،
__________________
(١) مطارح الأنظار : ٤٥ ـ ٤٦.