بقدر الضرورة في إسقاط الحجة ، وأمّا إذا كان القيد متّصلاً ، ودار الأمر بين أن يمنع عن انعقاد الإطلاق في طرفٍ أو طرفين ، فلا دليل على تقدّم الأقلّ ، لأنه مع كونه متّصلاً لم يتم الظهور ولم يتحقق الحجّة ، ليكون رفع اليد عن أصالة الظهور في الأقل مقدّماً عليه في الأكثر.
قال رحمهالله ـ معلّقاً على قول الكفاية : إنّ تقييد الهيئة يوجب بطلان محلّ الإطلاق في المادّة ويرتفع به مورده ، بخلاف العكس ، وكلّما دار الأمر بين تقييدين كذلك ، كان التقييد الذي لا يوجب بطلان الآخر أولى ـ : «يمكن تقرير هذا الوجه بنحو أحسن وأبعد عن الإشكال ، وهو : إنه لا مجال لمقدّمات الحكمة في جانب المادّة ، لتماميّة البيان بالنسبة إليها ، وذلك : إمّا لتوجّه القيد إليها ابتداءً ، أو لتوجّهه إلى الهيئة الموجب ذلك لتقيّد المادّة أيضاً بالتبع ، وعلى كلّ حالٍ ، لا يبقى مجال للإطلاق في جانبها ، فتبقى المقدّمات في جانب الهيئة سليمةً عن المعارض ، وبذلك ينعقد لها الإطلاق» (١).
وذهب المحقّق الخوئي (٢) ـ ووافقه الشيخ الاستاذ ـ إلى أنّ ما نحن فيه ليس من قبيل دوران الأمر بين الأقل والأكثر ، ليكون مورداً لانطباق القاعدة المذكورة ، بل إنه من قبيل دوران الأمر بين المتباينين ، والنسبة بين تقييد المادّة وتقيّيد الهيئة هي العموم من وجه ، فقال ما ملخّصه :
إنّ القيد إن كان قيداً للهيئة واقعاً ، فمردّه إلى أخذه مفروض الوجود في
__________________
(١) نهاية النهاية ١ / ١٥٢.
(٢) محاضرات في أصول الفقه ٢ / ٣٤٣.