ملاك الحكم ، كالزّوال بالنسبة إلى صلاة الظهر ، إذ لا ملاك ومصلحة لها قبله ، وفي الثاني دخيل في فعليّة المصلحة ، كالطّهارة بالنسبة إلى الصّلاة ، وعلى هذا ، فإنّ مرتبة قيد الواجب تكون متأخرةً عن مرتبة قيد الوجوب ... وكلّ هذا ثابت عند السيّد الخوئي أيضاً ، وحينئذٍ يقال له : كيف يكون الشرط المتأخّر قيداً للواجب ، ومع ذلك يكون دخيلاً في ملاك الحكم ، فيكون الشيء الواحد موجوداً في مرتبتين؟
إنه إنْ أمكن الواجب المعلَّق لزم تحصيل المقدّمات التي لو لم يحصّلها المكلَّف فات عنه الواجب في ظرفه ، ولذا عبّروا عنها بالمقدّمات المفوّتة ، كما لو لم يتعلَّم المكلَّف كيفيّة القراءة قبل وقت الصّلاة فاتته الصّلاة ... فعلى القول بالواجب المعلَّق ، يكون الوجوب محقّقاً والواجب معلّقاً على القيد ويجب تحصيل المقدّمة ، وعلى القول بعدم الواجب المعلَّق ، فلا يوجد وجوب قبل زمان الواجب ، ولا دليل على وجوب تحصيل المقدّمة.
ومن الواضح ، أن ثبوت الوجوب وعدم ثبوته يدوران مدار تحقّق الملاك وعدم تحقّقه ، فيكون البحث في مرحلتين ، مرحلة الثبوت ومرحلة الإثبات ... فلسان الآية : (وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) (١) لسان الواجب المعلَّق ، لأنه قد علّق الحج على الاستطاعة ، ومعنى ذلك : وجوب الحج عند تحقّقها ، فإذا تحقّق الزاد والرّاحلة له قبل أشهر الحج ، وجب عليه الحج في زمانه ... فكان الوجوب الآن والواجب بعدُ ... وإذا وجب لزم تحصيل المقدّمات ....
__________________
(١) سورة آل عمران : ٩٧.