وحينئذٍ ، يبحث عن الوجوب الشرعي بقاعدة الملازمة ، بأنْ يكون هذا الحكم العقلي كاشفاً عن الحكم الشرعي بتلك القاعدة أو لا؟
فقال الميرزا رحمهالله بالأوّل (١) بدعوى أنّ حكم العقل باللّزوم دليل على إيجاب الشارع المقدّمة حفظاً للغرض من الحكم ، فيكون حكماً شرعيّاً متمّماً للحكم الشرعي الأوّل ... بتقريب : إن المفروض حكم العقل بلزوم حفظ الغرض ، وفي موارد الإرادة التكوينيّة ، نجد أنّ الإنسان يحفظ المقدّمة أو يسعى وراء تحصيلها لمراده التكويني المقيّد بزمانٍ متأخّر ، فمثلاً : إذا كان يعلم بأنّه سيمرض في الغد ، فإن الغرض بالنسبة إلى النجاة من المرض موجود الآن بالفعل ، فتتحقق الإرادة التكوينيّة منه من الآن لتحصيل الدّواء اللاّزم أو حفظه ... ووزان الإرادة التشريعيّة وزان التكوينيّة ، وحينئذٍ ، تتعلّق الإرادة التشريعيّة لتتميم الجعل بالنسبة إلى ذي المقدّمة ، فيكون حكماً شرعيّاً.
وفيه :
إن المفروض أنه لا قصور في حكم العقل وكفايته لحفظ المقدّمة أو تحصيلها ، فلا حاجة إلى جعل المولى ، على أنّ هذا القول يبتني على قياس الإرادة التشريعية على التكوينيّة دائماً ، وهذا أوّل الكلام ، ففي الإرادة التكوينيّة إذا تعلّقت بذي المقدّمة ، فإنّها تتعلّق بالمقدّمة أيضاً ، ولكن الوجوب الشرعي إذا تعلَّق بذي المقدّمة ، فوجوب مقدمته شرعاً أوّل الكلام.
__________________
(١) أجود التقريرات ١ / ٢٢١.