بوجوب التعلّم وجوباً نفسياً تهيّئياً.
فإنّه قد ذهب المحقّق الأردبيلي وصاحب المدارك (١) إلى أنّ التعلّم واجب بالوجوب النفسي إلاّ أنه واجب للغير ، وهذا معنى قولهم بوجوبه النفسي التهيّئي ، فهو واجب ، لكنْ لأنْ يتهيّأ المكلّف لحفظ الواقع عملاً.
وقال المشهور بعدم وجوبه بالوجوب الشّرعي ، بل هو لزوم عقلي ، فقيل : بمناط قاعدة الامتناع ، فمن ترك التعلّم ، فقد فوّت الواقع وامتنع عليه لكنْ باختيارٍ منه ، وقد تقدَّم أنه لا ينافي العقاب. وهذا رأي الشّيخ الأعظم (٢).
وقيل : بل بمناط لزوم دفع الضرر المحتمل. وهذا مختار الميرزا (٣).
وقيل بالتفصيل ، وأنّه تارة بذاك المناط ، واخرى بهذا. وهذا ما ذهب إليه السيّد الخوئي (٤).
إذا استطاع المكلّف للحج ، ثمّ فوّت الاستطاعة ، تسلب منه القدرة على الحج ، فعليه أن يحافظ على الاستطاعة ليتمكّن من الحج الواجب عليه ، وإلاّ استحق العقاب ، بمقتضى قاعدة : الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار ، فيستحقّ العقاب ، لأن امتناع الامتثال كان باختيارٍ منه.
فيقول الشيخ الأعظم : إنّ ترك التعلّم من هذا القبيل ، والقاعدة المذكورة هي المستند للحكم باستحقاق العقاب.
__________________
(١) مجمع الفائدة والبرهان ٢ / ١١٠ ، مدارك الأحكام ٣ / ٢١٩.
(٢) مطارح الأنظار : ٤٤.
(٣) أجود التقريرات ١٥٤ ـ ١٥٧ ط ١.
(٤) محاضرات في أصول الفقه ٢ / ٣٦٧.