قاعدة لزوم دفع الضرر المحتمل.
فالموارد تختلف ، فتارةً : يكون ترك التعلّم قبل الوقت موجباً لفوات أصل وجود الواجب ، كما لو لم يتعلَّم القراءة قبل الدخول في الصّلاة ، فإنه سوف لا يكون قادراً على التعلّم ، فيفوت الواجب ، وأُخرى : يكون ترك التعلّم موجباً لعدم تمكّنه من إحراز الموافقة الفضلية مع التكليف ، كما لو لم يتعلّم أحكام القصر والتمام وتردّد حكمه بينهما ، فهنا القدرة على أصل التكليف موجودة ، لأنّ المختار ـ كما ثبت في محلّه ـ أنّ الامتثال الإجمالي في عرض الامتثال التفصيلي ، وأنّ تكرار العبادة لا يضرّ ، وأنّ قصد التمييز غير لازم ، فإذا كانت القدرة على الواجب موجودةً ، وهو متمكّن من الاحتياط بالصّلاة ، مرّة قصراً ومرّة تماماً ... فلا يجب التعلّم ، إذ لا ضرر محتمل حتى يلزم دفعه.
هذا كلّه مع العلم بالابتلاء مستقبلاً.
وأمّا لو شك في ابتلائه بالحكم الشرعي في المستقبل ، كأنْ لا يدري هل سيكون مستطيعاً ، فيجب عليه تعلّم أحكام الحج ليتمكّن من العمل في ظرفه ، أو لا يكون ، فلا يجب عليه التعلّم؟
إن مقتضى القاعدة العقليّة ـ وهو لزوم حفظ غرض المولى على العبد ، عملاً بوظيفة العبوديّة ـ هو تحصيل القدرة على الامتثال وحفظ القدرة عليه ، حتى تحصل البراءة اليقينيّة ، لكنّ هذا الحكم العقلي ـ كسائر الأحكام العقليّة ـ معلّق على عدم وجود المؤمّن من قبل المولى ، والمؤمّن هنا هو الاستصحاب ، لأنّ المفروض عدم ابتلائه الآن يقيناً ، وأنه شاك في الابتلاء