أخبار «فضل العالم على العابد» (١).
لكنّ الوجه الثالث ـ من الوجوه المتقدّمة ـ يمنعنا عن القول بالوجوب النفسي.
أقول :
ما هو الدليل على بطلان ثبوت المؤاخذتين واستحقاق العقابين؟ الظاهر : أنْ لا دليل على البطلان لا عقلاً ولا نقلاً ، بل إنّ العقل والاعتبار يساعدان على التعدّد ، ويبقى التسالم بين الفقهاء فقط ، فتأمّل.
إنْ كان العلم مقدّمة وجوديّة لحصول ذي المقدّمة ، أمكن القول بوجوب التعلّم وجوباً غيريّاً ، لكنّ العلم ليس مقدّمة وجوديّة ، بل هو مقدّمة علميّة لذي المقدّمة ، وهذا ظاهر الأخبار ، فلا يمكن الالتزام بالوجوب الغيري الشرعي.
فيدور الأمر بين الوجوب الإرشادي والوجوب الطريقي؟
قال في (المحاضرات) (٢) : أمّا الوجوب الإرشادي بأنْ يكون ما دلَّ عليه من الكتاب والسنّة إرشاداً إلى ما استقلّ به العقل من وجوب تعلّم الأحكام ... فيرد عليه : إنه لو كان وجوبه إرشاديّاً ، لم يكن مانع من جريان البراءة الشرعيّة في الشبهات الحكميّة قبل الفحص ، وذلك : لأن المقتضي له ـ وهو إطلاق أدلّتها ـ موجود على الفرض ، وعمدة المانع عنه إنّما هي وجود تلك الأدلّة ،
__________________
(١) الكافي ١ / ٣٣ ، ٣٤.
(٢) محاضرات في أصول الفقه ٢ / ٣٧٦.