الشارع قد تعهّد ـ مثلاً ـ أن يبرز اعتباره للصّلاة في ذمّة المكلّف بلفظ «صلّ» ، وكذلك كلّ أمر بشيءٍ ، فإنّه متعهّد باستعمال صيغة «افعل» لإبراز أمره وطلبه ... وهذا هو المرتكز في الأذهان.
فقال الاستاذ دام بقاه بعد تقرير هذه النظريّة ما حاصله :
أمّا أن حقيقة الوضع هو التعهّد ، فقد تقدّم في محلّه ما فيه.
وأمّا أنّ المعنى الحقيقي لصيغة الإنشاء هو إبراز اعتبار ثبوت الشيء ، فغاية ما استدلّ لهذه الدعوى هو وجود هذا المعنى ـ أي إبراز اعتبار ثبوت الشيء في الذمّة ـ في مثل قول المولى : «صلّ» ونحوه ... وفيه : إن هذا لا يكفي لأنْ يكون دليلاً للمدّعى ، ففي موارد استعمال صيغة الأمر ، حيث يكون الداعي بعث العبد نحو الفعل ، توجد الإرادة لتحقّق الفعل ، والعقلاء يرون في تلك الموارد أن المولى قد وضع الفعل على ذمّة المكلّف ، وأنها مشغولة يقيناً به ، فلما ذا لا تكون الإرادة هي المعنى للصّيغة؟ ولما ذا لا يكون المعنى : اعتبار ثبوت المادّة في ذمّة الطرف المقابل؟
والحاصل : إنه في مورد استعمال صيغة الأمر ، يوجد اعتبار ثبوت الفعل في الذمّة بلا ريب ، لكن كون هذا المعنى هو الموضوع له الصيغة من أين؟ فالدليل أعمّ من المدّعى.
هذا أوّلاً.
وثانياً : قوله بتعدّد المعنى في الصّيغ الإنشائيّة ، غير موافقٍ للارتكاز العرفي ، وذلك لأنّ أهل اللّسان لا يفرّقون في معنى «اعملوا» بين مورد استعماله في التهديد ومورد غير التهديد مثلاً.
وثالثاً : إن المصداقيّة من شئون الحمل الشائع ، والمناط فيه هو الاتحاد