للمعنى ، وهذا معناه أنْ لا يكون في مورد الصّيغة وضع وموضوع وموضوع عليه ...
ففيه : إنّ مبناه في حقيقة الوضع هو أنّ اللّفظ يوضع على المعنى كوضع العلم على رأس الفرسخ مثلاً ، فما ذهب إليه في وضع الصيغة ينافي مختاره في حقيقة الوضع بصورةٍ عامّة ؛ لأنه يقتضي المغايرة والتعدّد بين الموضوع والموضوع عليه ... ولو لا هذا التنافي فإنّ مسلكه قريب من الواقع.
وبعد ذكر المباني المطروحة في معنى الصيغة والنظر والمناقشة فيها ، قال شيخنا دام بقاه ، وبالنظر إلى مختاره في حقيقة الوضع من أنها «العلامتيّة» :
إن الألفاظ إنما هي للوصول إلى المعاني وإبراز الأغراض والمقاصد ، فالصبيّ الذي لا يمكنه التلفّظ إذا أراد شيئاً من الأشياء تحرّك نحوه ـ إن أمكنه التحرّك ـ وأخذه ، وإلاّ فيلجأ إلى غيره ، كأنْ يأخذ بيد أبيه ويمدّها نحو الشيء أو يضعها عليه ، وهذا هو المقصود من «البعث النسبي» في كلام المحقق الأصفهاني ، و«النسبة الإرساليّة» في كلام المحقق العراقي ، لكنّ هذا الطفل عند ما يمكنه الإشارة نحو الشيء الذي يريده ، فإنّه يستخدمها بدل الأخذ بيد أبيه مثلاً ، فإنْ يتمكن من التلفّظ فلا شك أنه يستخدم اللّفظ للدلالة على أنّه يريد الشيء الفلاني ، فيقول لأبيه مثلاً : أعطني كذا ...
فالألفاظ دوالّ وكواشف وعلائم ... وهذا هو الأصل فيها.
وعليه ، فإنه مع التمكّن من التلفّظ ، يتحقّق بيان المراد وإبرازه بواسطة اللّفظ ، وتكون الألفاظ مبيّنات ومبرزات للمرادات ، وهذا معنى (عَلَّمَهُ