ولذا قال السيد البروجردي : إن الطلب إن لوحظ باللّحاظ الاسمي الاستقلالي استعمل لفظ البعث والأمر فيقول : آمرك ، وإن لوحظ باللّحاظ الآلي استعملت صيغة «افعل» ... لكنّ التحقيق أنه «البعث» وليس «الطلب».
وبما ذكرنا ظهر التحقيق في المقام ، واختلافات الأنظار فيه.
لقد تقدّم طرف من هذا البحث في مبحث دلالة مادّة الأمر على الوجوب ، وهنا نقول :
إنه قد نفى المحقق الخراساني (١) البُعد عن أن تكون صيغة الأمر دالّة على الوجوب بالدلالة الوضعيّة ، واستدلّ على ذلك بالتبادر ، وأيّده بسيرة العقلاء ، وأنهم لا يقبلون اعتذار العبد إذا خالف الأمر عند ما لا توجد قرينة.
ثم ناقش صاحب (المعالم) قدسسره في قوله (٢) بأنّ الصّيغة مستعملة في أخبارنا في الندب بكثرة ، وذلك يمنع من التمسّك بأصالة الحقيقة للحمل على الوجوب ، بل يكون من المجاز المشهور ، ومقتضى القاعدة في مثله هو التوقّف ... فأجاب المحقق الخراساني :
أوّلاً : إن استعمال الصّيغة في الوجوب أيضاً كثير ، فكثرة استعمالها في الندب لا توجب نقلها عن الوجوب أو حملها على الندب.
وثانياً : إنّ كثرة الاستعمال إنما توجب الحمل أو تستلزم التوقّف فيما إذا كانت بدون قرينة ، وأمّا إذا كانت موارد استعمالها مصحوبة بالقرينة ، فمثل هذا
__________________
(١) كفاية الأصول : ٧٠.
(٢) معالم الدين : ٤٨.