على أنّ الصيغة تستعمل في الندب ـ وبدون أيّ عنايةٍ ـ كاستعمالها في الوجوب ، كأن نقول : اغتسل للجنابة ، ونقول : اغتسل للجمعة.
هذا بالنسبة إلى استدلاله بالتبادر.
وأمّا مناقشته لصاحب (المعالم) فالإنصاف : أنّ استعمال الصيغة في غير الوجوب كثير جدّاً ، ولعلّه الغالب على استعمالها في الوجوب ، ودعوى اقتران تلك الاستعمالات بالقرينة مقبولة ، لكن إنكار وصولها إلى حدّ المجاز المشهور مشكل.
وتنظيره ما نحن فيه بقضيّة ما من عامٍّ إلاّ وقد خص. فيه : إنه خلاف مبناه في باب العامّ والخاص ، فإنّه يرى أن العام مستعمل في معناه وهو العموم ، إلاّ أن الخصوص يستفاد من دالٍّ آخر ، فتعدّد الدالّ هو الدليل على التخصيص ، لا أن العام قد استعمل في غير ما وضع له ... وحينئذٍ ، فلصاحب (المعالم) أنْ يقول بالفرق بين المقامين ، وأن استعمال الصّيغة في الندب مجاز.
وعلى الجملة ، فقد ظهر سقوط الاستدلال بالتبادر للقول بدلالة الصيغة على الوجوب ، وكان هذا هو الوجه الأوّل.
الثاني : الكتاب والسنّة. فقد ذكر أصحاب (المعالم) و(البدائع) و(هداية المسترشدين) (١) آياتٍ وروايات من الكتاب والسنّة دالّةً على الوجوب ، كقوله تعالى : (مَا مَنَعَك أَلاَّ تَسْجُدَ إِذاْ أمَرْتُكَ)(٢) فإنّه يدلُّ على كون الصيغة دالّة على
__________________
(١) معالم الاصول : ٦٦ ، بدائع الاصول : ٢٥١ ط حجري ، هداية المسترشدين : ١٤٤ حجري.
(٢) سورة الأعراف : ١٢.