ضرورة إطاعة العبد لمولاه لأنها عدل ، وعدم عصيانه لأنه ظلم ، والظلم إنما يتحقق حيث يصدق العصيان ، وإذ لا عصيان ـ كما لو لم يكن أمر المولى إلزاميّاً ـ فلا ظلم ... وهذه هي كبرى حكم العقل.
والحاصل : إنه لا حكم للعقل إلاّ بقبح الظلم بمعصية أوامر المولى ، أمّا مع الشك في دلالة أمره على الوجوب والإلزام ، فلا يحكم العقل بقبح مخالفته ، إلاّ أن يقال بأنّ للعقل حكماً ظاهريّاً مفاده : كلّما شككت في أمر أنه إلزامي أو لا ، لزم عليك امتثاله وإلاّ فأنت ظالم ، ... ومن الواضح عدم وجود هكذا حكم ظاهري احتياطي من العقل.
وبعبارة أخرى ـ كما في (المنتقى) (١) ـ إنه بعد إدراك العقل أن إنشاء الطلب يمكن أن يكون عن إرادة حتميّة كما يمكن أن يكون عن إرادة غير حتميّة ، وأن المنشأ عن إرادة غير حتمية لا يلزم امتثاله ، كيف يحكم بلزوم الامتثال بمجرّد الإنشاء ما لم يدّع ظهور الصيغة في كون الإنشاء عن إرادة حتمية ، وهو خلاف المفروض؟ وهل يجد الإنسان في نفسه ذلك؟ ذلك ما لا نستطيع الجزم به بل يمكن الجزم بخلافه.
وعلى الجملة ، فإنّ مطلب الميرزا إنما يتمُّ لو ثبت أنّ للعقل هكذا حكم كما توجد في الشريعة أحكام ظاهريّة إلى جنب الأحكام الواقعيّة ، أو تقوم سيرة عقلائيّة على أنّه متى وردت الصيغة المجرّدة عن المرخّص في الترك فالطلب إلزامي ، وإلاّ ، فإنّ المرجع هو البراءة عقلاً وشرعاً ، وعدم كفاية قانون حقّ الطاعة على التحقيق.
الرابع : الظهور الإطلاقي في الوجوب.
__________________
(١) منتقى الأصول ١ / ٤٠٣.