إن الوجوب عبارة عن نفس الطلب المعبَّر عنه بالطّلب التام ، وهو غير محدودٍ بحدّ ، بخلاف الندب ، فإنه محدود بحدّ النقص ، فالندب محتاج إلى بيانٍ زائد ، وحيث لا بيان ، فمقتضى الإطلاق هو الوجوب.
قال الاستاذ : وفيه :
أوّلاً : إنّه سواء كان الإرادة ، أو الفعل النفساني ، أو الطلب الإنشائي ، أو الطلب الاعتباري ، فهو ـ بأيّ معنىً أخذ ـ محدود.
وثانياً : إن المفروض وضع الهيئة لنفس الطلب ، لا الطلب غير المحدود ـ بأن يكون عدم المحدوديّة داخلاً في المفهوم ـ فلا مرتبة في مفهومه ، وعليه ، فكما أن المرتبة النازلة من الطلب محتاجة إلى البيان ، كذلك المرتبة العالية.
هذا ، وإلى ما ذكر من الكلمات يرجع كلام مثل الشيخ اليزدي الحائري (١) القائل بأنّ الندب عبارة عن الإرادة مع الإذن في الترك ، والوجوب هو الإرادة بلا إذنٍ في الترك ... فإنّه بعد إرجاعه إلى ما تقدّم يرد عليه ما ورد عليه ، وإلاّ فظاهر كلامه غير صحيح ، لأن الإرادة من الامور التكوينية ، والوجوب والندب من الأمور الاعتباريّة التشريعيّة.
وأيضاً ، فالإرادة من مقدّمات الطلب وليست نفس الطلب.
وتلخّص : عدم تمامية الاستدلال ـ لدلالة الصيغة على الوجوب ـ بالآية والرواية وبالعقل وبالتبادر وبالظهور الإطلاقي.
مختار الاستاذ ودليله
الخامس : السيرة العقلائية.
__________________
(١) درر الأصول ١ / ٧٤.