على قسمين ، فمنها : ما صدر عنهم بعنوان إظهار السلطنة والحاكميّة وإعمال المولويّة ، نظير الأوامر الصادرة عن الموالي العرفيّة بالنسبة إلى عبيدهم ، كما في الأوامر والنواهي الواردة عنهم في الجهاد وميادين القتال. ومنها : ما صدر عنهم لبيان الأحكام الإلهيّة ، نظير إفتاء المفتي الفقيه.
فأمّا القسم الأوّل ، فيجب إطاعته ويحرم مخالفته ، وأمّا القسم الثاني فلا تكون مخالفته حراماً موجباً للفسق بما هي مخالفة تلك الأوامر والنواهي ، بل بما هي مخالفة أحكام الله تعالى ، لكون هذا القسم من أوامرهم ونواهيهم ارشاديّاً لا مولويّاً ....
ثم قال : والأوامر والنواهي المنقولة عن أئمّتنا بل عن رسول الله صلىاللهعليهوآله جلّها ارشادية بالمعنى المذكور ، وليست بمولويّة (١).
أقول (٢)
لكنَّ مقتضى الأدلّة هو : إنّ الأوامر والنواهي الصادرة عن المعصومين كلّها مولوية ، وهذا هو الأصل فيها إلاّ ما قام الدليل على إرشاديّته ، بل إنّ مفاد الأدلّة أنّ كلّ ما يصدر عنهم تجب إطاعتهم فيه ، لأنّ الأحكام مفوّضة إليهم ، ولهم الولاية المطلقة ، فلا فرق بين قول الله عز وجل في القرآن الكريم وقولهم الثابت عنهم ، في أن كليهما حكم إلهي يجب امتثاله.
أمّا بالنسبة إلى أوامر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فما ذكرناه موضع وفاقٍ بين الخاصّة والعامّة ، ويدل على ذلك قوله تعالى : (مَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا) (٣) ففي الصحيح عن أبي عبد الله عليهالسلام :
__________________
(١) نهاية الاصول : ٩٧ ، الحجة في الفقه : ١١٦ ـ ١١٧.
(٢) هذا المطلب ملخّص من الباب الأوّل من كتابنا (عموم ولاية المعصوم).
(٣) سورة الحشر : ٧.