الواجبات الشرعيّة هي بالضّرورة على قسمين ، قسم : لا يحصل الغرض منه إلاّ إذا اتي به بقصد القربة ، وهذا هو التعبّدي ، وقسم : يحصل منه الغرض بأيّ داعٍ اتي به ، وهو التوصّلي. فمن الأوّل : الصلاة مثلاً ، ومن الثاني : دفن الميت المؤمن مثلاً.
فتارةً : نحرز كون الواجب من هذا القبيل أو ذاك ، واخرى : يقع الإشكال فيه ، كما في العتق في الكفّارات مثلاً ، حيث يقع الكلام في سقوط الأمر به بمجرّد الإتيان به ، أو أنه لا بدّ فيه من قصد القربة ... ولأجل وجود هذا القسم من الواجبات في الشريعة المقدّسة ، عقد هذا البحث ، لأن المفروض عدم وضوح حاله من جهة الأدلّة ، فتصل النوبة إلى مقتضى الاصول.
والأصل في هذا المقام : إمّا الأصل اللّفظي ، وامّا الأصل العملي ، والأصل اللّفظي ، إمّا داخلي وامّا خارجي ، كما أن الأصل العملي إمّا شرعي وامّا عقلي ... والمقصود من الأصل اللّفظي الداخلي هو إطلاق الصيغة ، ومن الأصل اللّفظي الخارجي هو الأدلّة اللّفظية من الكتاب قوله تعالى : (قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللهَ مُخْلِصاً لَّهُ الدِّينَ) (١) أو السنّة مثل قوله عليه الصّلاة والسلام : «لا عمل إلاّ بنيّة» (٢).
__________________
(١) سورة الزمر : ١١.
(٢) وسائل الشيعة الجزء الأول ، الباب ٥ من أبواب مقدمة العبادات.