فالكلام الآن في إمكان تقييد متعلّق الأمر بقصد القربة بنفس الأمر الأوّل.
وقد تعرّض صاحب (الكفاية) (١) هنا لُامورٍ :
الأمر الأوّل
(في بيان التمييز بين الوجوب التوصّلي والوجوب التعبّدي).
فقال رحمهالله : الوجوب التعبّدي هو الوجوب الذي لا يحصل الغرض من الوجوب فيه إلاّ بالإتيان بمتعلَّق الأمر على الوجه القربي ، والوجوب التوصّلي هو الوجوب الذي يحصل الغرض من الوجوب فيه بالإتيان بالمتعلَّق بأيّ داعٍ كان.
فالفرق بينهما يكون من ناحية اختلاف الغرض.
إيراد المحقّق الأصفهاني
وقد أورد عليه المحقّق الأصفهاني (٢) بإشكالين تصريحاً وتلويحاً :
أحدهما : إنه لا يوجد أيّ اختلاف وافتراق بين الوجوبين أصلاً ، بل الافتراق هو في طرف الواجبين ، لأنّ الوجوب ـ على أيّ حال ـ إنما هو لجعل الداعي ، فسواء كان الخطاب : «صلّ» أو «اغسل ثوبك» فقد جاء الوجوب لجعل الداعي لحصول متعلَّق الأمر ، وأنه ليس الغرض من الوجوب إلاّ جعل الداعي ، لكنَّ الغرض من أحدهما لا يحصل إلاّ مع قصد القربة دون الآخر فإنه مطلق ، فالاختلاف من ناحية الواجب لا الوجوب.
__________________
(١) كفاية الأصول : ٧٢.
(٢) نهاية الدراية ١ / ٣٢٠.