المشكيني (١) ، فإنّه حاول إثبات التغاير بين الموقوف والموقوف عليه فقال : بأنّ المأخوذ في متعلَّق الأمر هو طبيعي الأمر ، ولكن المتصوَّر في طرف المتعلَّق هو شخص الأمر ، وذلك ، لأنّ المتعلّق هو الصّلاة المقيَّدة بقصد الأمر ، لكنْ طبيعي الأمر لا شخصه وفرده ، أمّا الأمر المتعلِّق بنفس الصّلاة فهو شخص الأمر وفرده ، وهذا المقدار من الاختلاف كان لرفع الدور.
قال : ونظير ذلك قول القائل : «كلّ خبري صادق» فإنّه تحلُّ فيه مشكلة الدور من جهة أن شخص هذا الخبر ـ وهو قوله : كلّ خبري صادق ـ موقوف على الحكم وهو «صادق» وأمّا الحكم «صادق» فموقوف على طبيعة الخبر لا شخص هذا الخبر ، وهنا كذلك ، إذ أنّ تصوّر شخص الأمر المتوجّه إلى الصّلاة موقوف على تصوّر الصلاة بقصد الأمر ، لكن طبيعي الأمر لا شخصه.
وأورد عليه الاستاذ بالفرق بين المقامين ، فإن الموضوع في تلك القضيّة هو طبيعة الخبر ، وشخص هذا الخبر ـ وهو قوله : كلّ خبري صادق ـ غير طبيعة الخبر ، هذا صحيح. أمّا في مقامنا هذا ، فإنّه ـ بعد استحالة الإهمال من الحاكم إمّا الإطلاق وامّا التقييد ، فإنه لمّا يقول «صلّ» بقصد الأمر بالصّلاة ، لا يريد الإتيان بها بقصد مطلق الأمر بنحو اللاّبشرط ، حتى الأمر المتوجّه إلى الصيام والحج مثلاً ، فليس المراد الصّلاة بقصد الأمر المطلق ـ كما لم يكن الصّلاة بقصد الأمر المهمل بالنسبة إلى خصوصيات الأمر ـ فتعيّن أنْ يكون المقصود الإتيان بالصّلاة بقصد شخص هذا الأمر وهو «صلّ» ، فكان شخص الأمر هو المتعلّق ، وهو نفسه متعلَّق المتعلَّق.
__________________
(١) الحاشية على كفاية الاصول ١ / ١٠٧.