ثم إنّ الاستاذ ذكر في حلّ الإشكال : أنه إنما يلزم الدور لو كان الوجود الواحد موقوفاً وموقوفاً عليه ، أمّا مع تعدّدهما ، بأنْ يكون الموقوف ـ في مرحلة التصوّر ـ شخصاً من الطبيعة ، والموقوف عليه شخصاً آخر منها فلا ... وفي مرحلة اللّحاظ والتصوّر ، فإنّ الآمر يتصوَّر أمره الذي هو فعل من أفعاله الاختياريّة ، فالأمر الصّادر مسبوق بالتصوّر ، ولمّا كان من الامور ذات التعلُّق ، فإنّه يتصوّر متعلَّقه معه ، والمفروض أن متعلَّق المتعلَّق نفس هذا الأمر ، فلا بدَّ من تصوّره أيضاً ، فالشيء الواحد ـ وهو الأمر ـ قد تُصوُّر مرّتين ، لكن في رتبتين ، رتبة المتعلَّق ورتبة متعلَّق المتعلَّق ، فكان الموقوف عليه شخص صورة الأمر ، والموقوف شخص آخر من صورة الأمر ... فحصل التغاير ، إذ قد حصل للأمر بالصّلاة وجودان تصوّريان ، وجود تصوّري مقوّم للمتعلّق ، ووجود تصوّري محقّق لنفس الفعل الذي هو الأمر في ظرف إصدار الأمر ، لأنّه يتصوّر الأمر الذي يريد إصداره ، فهو يتصوّر الصّلاة بكلّ حدودها وقيودها مع قصد الأمر بها ، ثم عند ما يريد إصدار الأمر وإيجاد هذا الفعل ـ أي الأمر ، فإنه من أفعال المولى كما تقدّم ـ يتصوّر الصّلاة بحدودها ـ ومنها الأمر ـ فيتصوّر الأمر مرّتين ، ولا محذور فيه ، ولا دور.
قال : وبما ذكرنا يندفع اشكال اجتماع اللّحاظين ـ الآلي والاستقلالي ـ في الشيء الواحد ، من جهة أن «الأمر» بالشيء ملحوظ باللّحاظ الآلي ، فالأمر في قوله «صلّ» إنّما يُلحظ باللّحاظ الآلي ، لأن المقصود هو البعث نحو الصّلاة ، لكنَّ المتعلَّق يلحظ دائماً باللّحاظ الاستقلالي ، والمفروض تقيّد الصّلاة بقصد الأمر ، فاجتمع اللّحاظان في الأمر ، من جهة كونه متعلِّقاً