أمّا الأمر الذي أخذ في المتعلَّق كالصّلاة مثلاً وجعلت مقيَّدة بقصده ، فهو الأمر الذي يتصوّره المولى لا الأمر الخارجي.
إشكال المحقق الأصفهاني على المشهور
وأورد عليه المحقق الأصفهاني (١) بأنّه ليس للأمر وجود غير وجود المتعلَّق ، حتى يقال بأنّ هذا غير ذاك ، بل إنَّ الأمر موجود بعين وجود متعلَّقه في مرحلة الجعل والإنشاء ، وذلك لأنَّ «الأمر» من الامور ذات الإضافة والتعلّق كالإرادة ، والحبّ ، والبغض ، والشوق ، والعلم ، والبعث ... ـ فلا يعقل الأمر بدون المأمور به ، كما لا يعقل الإرادة بلا مراد ... وهكذا ... ففي جميع هذه الحقائق لا بدَّ من وجود الطرف ، وكلٌّ منها موجود بوجوده ، فالمراد بالذات ـ الذي موطنه النفس ـ هو المقوِّم للإرادة ، وهكذا الحال في الاشتياق ونحوه ... وحيث أنّ الوجود النفساني للطَّرف ـ لا الوجود الخارجي له هو المقوّم للأمر ، فإنَّ الأمر ومتعلَّقه وجودهما واحد ، ويستحيل أن يكون لهما وجودان ، لأنّ حقيقة الأمر هو البعث ، ولا يعقل البعث بلا مبعوث إليه ، بل المبعوث إليه الذي هو في النفس ووجوده بالذات ـ وله وجودٌ بالعرض ، وهو المبعوث إليه الذي يتحقق في الخارج ، المسقط للأمر ـ موجود مع البعث بوجودٍ واحد ... فجواب القوم ـ من أنّ وجود الأمر موقوف على وجود المتعلّق ، والأمر الموجود في المتعلَّق غير الأمر الذي يتعلَّق بالمتعلَّق ـ غير صحيح ، لأنّه يبتني على ثبوت وجودين ، وهو باطل.
فالجواب الصحيح عن إشكال الدور ، قد ظهر ممّا ذكره هذا المحقق عن
__________________
(١) نهاية الدراية ١ / ٣٢٤.