وبعثه نحو الصّلاة ـ متأخّر طبعاً عن الصّلاة المقيّدة بقصد الأمر بوجوده العلمي غير المعتبر مطابقته للواقع. وأمّا إن كان المأخوذ هو الصّورة العلميّة المطابقة للواقع ، بأنْ يكون الصورة العلمية لنفس ذاك الأمر الصّادر من المولى هي المحرّك والباعث ، فالإشكال باق ، لأنّ الواقع غير محتاجٍ إلى صورةٍ علميّة مطابقة إليه ، لكنَّ الصورة العلميّة المطابقة له محتاجة له ، فما لم يتحقق أمر واقعي فلا تحصل صورة علميّة له في الذهن ، إذن ، فالصّورة العلميّة متأخرة بالطبع عن الواقع ، وهو الأمر الصادر ، فهي موقوفة عليه ، لكنَّها بما أنها مأخوذة في متعلَّق الأمر الصّادر ـ والمتعلَّق مقدَّم رتبةً على الأمر ـ فهي متقدّمة ، فلزم اجتماع المتقابلين في الشيء الواحد.
لكنّ السيّد الاستاذ ـ دام ظله ـ نصَ (١) على أن الإنصاف تماميّة جواب المحقق الأصفهاني عن محذور اجتماع المتقابلين وعدم صحّة الإشكال المذكور ، فقال ما حاصله : إن ما يؤخذ في متعلَّق الأحكام هو المفاهيم والطبائع لا المصاديق الخارجيّة ، والعلم الذي يكون فانياً في متعلَّقه هو مصداق العلم والفرد الخارجي منه ، وأمّا مفهوم العلم وطبيعته فليس كذلك ، فإن العلم الطريقي بحسب مفهومه ليس فانياً في المعلوم ومرآةً له بل يكون متعلَّقاً للنظر الاستقلالي ، وعليه ، فقصد الأمر إذا ثبت أنه معلول للأمر بوجوده العلمي فيكون مأخوذاً في المتعلَّق بهذه الخصوصية ، فالمتعلَّق يكون هو الفعل بقصد الأمر المعلوم ، ولا يخفى أن العلم المأخوذ في المتعلَّق ليس مصداق العلم كي يقال إنه فانٍ في متعلّقه ، بل المأخوذ مفهومه وهو لا يفنى في متعلَّقه
__________________
(١) منتقى الاصول ١ / ٤٤٠.