كما عرفت ، فالقصد متفرّع في مرحلة موضوعيّته عن الأمر المعلوم لا الأمر الخارجي ، فلا خلف. فالإشكال عليه ناشئ عن الخلط بين مفهوم العلم ومصداقه. فما أفاده المحقق الأصفهاني في دفع المحذور لا نرى فيه إشكالاً ولا نعلم له جواباً.
أقول :
إلاّ أنّ الظاهر عدم ورود ما أفاده على التقريب المتقدّم عن شيخنا الاستاذ للإشكال على المحقّق الأصفهاني ، لأنّ محور الكلام فيه ضرورة وجود أمر واقعي لتحصل الصورة الذهنيّة عنه ، فيكون متقدّماً بالطبع وهي متأخرة عنه كذلك ، وحينئذٍ يلزم المحذور. فتأمّل.
وقد سلك المحقّق النائيني طريقاً آخر لبيان لزوم الدور من أخذ قصد الأمر في المتعلَّق ، سواء في مرحلة التصوّر والإنشاء والامتثال ... وحاصل كلامه (١) هو :
إن الأحكام الشرعيّة كلّها قضايا حقيقيّة ، ومعنى القضيّة الحقيقيّة كون موضوع الحكم مفروض الوجود ، فلا بدّ من فرض وجود «العقد» حتى يتوجّه الأمر بالوفاء به ، كما هو الحال في قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ) (٢) حيث الأمر بالوفاء حكم ، ومتعلَّقه «الوفاء» وموضوعه هو «العقد» فيكون متعلَّق الوجوب هو «الوفاء» و«العقد» متعلَّق المتعلَّق ... فالعقد وهو الموضوع ـ لا بدّ في مرحلة الإنشاء من فرض وجوده فرضاً مطابقاً
__________________
(١) أجود التقريرات ١ / ١٥٨ ـ ١٥٩.
(٢) سورة المائدة : ١.