إن قصد الأمر متأخّر عن أجزاء الصّلاة وشرائطها ، فهو متوقّف عليها ، فلو كان «الامتثال» أحد أجزاء الصّلاة وشرائطها ، لزم اجتماع التقدّم والتأخّر فيه ، إذن ، يستحيل إطاعة مثل هذا الأمر في مرحلة الامتثال.
والثاني : إنه لا قدرة على امتثال الأمر «بالصّلاة بقصد الأمر» ، وذلك لعدم تعلّق أمرٍ بالصّلاة ، وكلّ ما لم يتعلَّق به أمر فلا قدرة على الإتيان به بقصد الأمر ، وتوضيح ذلك هو : إنه لو فرض كون متعلَّق الأمر هو الصّلاة بقصد الأمر ، فلا محالة لا أمر بالنسبة إلى نفس الصّلاة ، وكذلك الحال في كلّ مركّب ، فإنه إذا تعلَّق الأمر بالمركّب فقد تعلَّق بمجموعة الأجزاء ، فلا يكون هناك لكلّ جزءٍ جزءٍ منها أمر على حدة ، وعليه فالصلاة وحدها لا أمر بها ، والصّلاة مع قصد الامتثال لا يمكن الإتيان بها ، لعدم إمكان الإتيان بقصد الامتثال المأخوذ فيها ـ بقصد الامتثال.
والثالث : إن قصد الأمر إمّا هو قيد للصّلاة ، وامّا هو جزء من أجزائها. فإنْ كانت الصّلاة المقيَّدة متعلَّق الأمر ، كانت ذات الصّلاة غير مأمورٍ بها كي يمكن للمكلَّف الإتيان بها بقصد أمرها ، وإنْ كانت الصَّلاة مركّبةً من قصد الامتثال وغيره من الأجزاء ، فالامتثال محال كذلك ، لأنّ الأمر دائماً محرّك وداعٍ نحو متعلَّقه ، ولا يعقل تحريك الأمر وداعويّته لداعويّة نفسه ، إذ معنى ذلك أن يصير الشيء علّةً لعليّة نفسه.
حلّ الاشكالات من المحقّق العراقي
وقد ذكر في (المحاضرات) (١) تبعاً للمحقق العراقي طريقاً لرفع جميع هذه المحاذير ، وحاصل كلامه :
__________________
(١) محاضرات في أصول الفقه ٢ / ١٦٤.