أوّلاً : إنّه لا محذور في أنْ يكون بعض أجزاء الواجب تعبّدياً وبعضها الآخر توصّليّاً ، وإنْ لم يكن الواجب واجباً بأصل الشرع ـ إذ لا يوجد في الشريعة هكذا واجب ـ بل بوجوبٍ عرضي كالنذر ، بأن يكون مجموع الصّلاة وإعطاء المال للمسكين متعلّق النذر.
نعم ، قد وقع في الشرع كون الأجزاء كلّها تعبّدية ، لكنّ قسماً من الشرائط توصّلي ، كالصّلاة ، فأجزاؤها تعبديّة كلّها ، وشرائطها بعضها توصّلي كالطّهارة من الخبث ، وبعضها تعبّدي كالطّهارة من الحدث.
وثانياً : إنّ الأمر المتعلّق بالمركّب ينحلُّ بحسب التحليل إلى الأمر بأجزائه ، فيكون كلّ جزءٍ من أجزائه التعبديّة قد اتّخذ حصّةً من ذلك الأمر المتعلِّق بالمجموع ، وأصبح مأموراً به بأمرٍ ضمني.
وبعد هذا ، فإذا لحظنا الصَّلاة بقصد الأمر وجدناها مركّبةً من أجزاء ، أحدها : قصد الأمر ، لكنّ هذا الجزء منها توصّلي وبقيّة الأجزاء تعبديّة ، فكان الأمر الضمني بتلك الأجزاء بنحو التعبديّة ويعتبر الإتيان بها بقصد الامتثال ، وأمّا قصد الامتثال ، فليس بتعبّدي بل هو توصّلي ، ولا يحتاج سقوط الأمر به إلى قصد امتثاله.
فبهذا البيان تندفع جميع الإشكالات :
(أمّا الأوّل) فوجه اندفاعه هو : إن قصد الامتثال إنما يكون متأخّراً عن الأجزاء والشرائط إذا اريد منه قصد امتثال المجموع ، أمّا لو أريد منه قصد امتثال الأمر الضمني كما ذكر ، فذلك لا يقتضي تأخّره ـ أي قصد امتثال الأمر ـ عن جميع الأجزاء والشّرائط ، لأنّ قصد امتثال كلّ جزءٍ بخصوصه يكون متأخّراً عن ذلك الجزء فقط دون بقيّة الأجزاء ، ولا مانع من لحاظ شيئين ـ