أحدهما متقدّم على الآخر ـ شيئاً واحداً ، ثمّ توجّه الأمر النفسي الواحد إليهما ، كما تقدَّم في بحث الصحيح والأعم.
(وأمّا الثاني) فلأن عدم القدرة على الامتثال إنما هو لو أراد المكلَّف الامتثال للأمر بالصّلاة بداعي أمرها النفسي الاستقلالي ، وأمّا لو أراد الامتثال لها بداعي أمرها الضمني فهو مقدور له بعد الأمر ، والقدرة المعتبرة في متعلّقات الأحكام إنما هي القدرة حين امتثال الأمر وإطاعته ، لا حين صدور الأمر وجعله.
(وأمّا الثالث) فإنه إنما يلزم لو كان الإتيان بالصّلاة بقصد الأمر المتعلّق بها كلّها ، لكنْ قد تقدَّم أنّ المكلَّف يأتي بالتكبيرة والقراءة والركوع والسجود ... بمحركيّة الأوامر الضمنيّة المتعلّقة بها ـ إذ قد توجّه إلى كلّ منها أمرٌ يخصّه فكان دعوة الأمر والمأخوذة في الصَّلاة ـ وهي متعلّق الأمر النفسي ـ داعويّة الأمر الضمني ، فأصبح الأمر النفسي داعياً إلى إيجاد متعلّقه وهو ذات الصّلاة ، مع داعويّة أمرها الضمني ، فلا تحصل دعوة الأمر إلى داعويّة نفسه.
وتنظّر شيخنا الاستاذ في هذا الطّريق الذي حاصله تعدّد الأمر بانحلاله إلى الأوامر الضمنيّة ، فقال دام ظلّه : إن هذا الانحلال اعتبار عقلي محض ، ولا واقعيّة له ، كي تنحلّ المشكلات عن هذا الطريق ، وذلك : إنّه لا توجد أغراض متعدّدة في المركّب الارتباطي ، بل الغرض واحد ، وإذا كان الغرض واحداً ، فالإرادة أيضاً واحدة ـ لأن وحدتها أو تعدّدها تابع لوحدة الغرض وتعدّده ـ وإذا اتّحدت الإرادة استحال تعدّد الأمر ، لأن نسبته إليها نسبة المعلول إلى العلّة.