وتُعاني من قيوده ؛ فإنَّ طرح الكثير من الجوانب الثوريّة والحيويّة من الإسلام بات ممنوعاً أو مستحيلاً ، فيكتفى في تلك البلاد بقراءة القرآن وتجويده دون أنْ يصلَ الناس إلى نتيجةٍ مطلوبةٍ من هذا السِّفر الإلهيّ العظيم.
ففي بعض هذه البلاد التي لا تزال تعيش في قيود الاستعمار ـ باطناً ـ تُقام المؤتمرات السنويّة الضّخمة لمعرفة ( اجود مقرئ للقرآن ) ويشترك فيها قرّاء من مختلف البلاد الإسلاميّة ، ثمّ يتمُّ اختيار أجود قارئ حسب معايير خاصة ليست بغريبة عن السياسات الحاضرة غالباً ، ولكن دون أن تقوم أيّة مؤتمرات بصدد التعريف بمفاهيم القرآن ، أو جدوَلة موضوعاته أو الحصول على طرق جديدة للتفسير أكثر عطاءً ، للوقوف على حقائق هذا الكتاب السماويّ وبيّناته وبصائره ، حتّى أنّني عندما اشتركت على رأس هيئة في أحد هذه المؤتمرات المعقودة لاختيار أفضل قارئ طرحت هذا الموضوع على وزير الأوقاف في البلد المضيِّف وقدّمت له اقتراحاً مكتوباً بهذا الصدد ولكن دون أن أجد منه ترحيباً بالاقتراح ، والعلّة واضحةٌ والسبب معلوم.
إنّنا بحكم واجبنا الدّينيّ الذي يقضي بأنّ تكون الجهود العلميّة موافقةً للاحتياجات الحاضرة ، ركّزنا قسماً كبيراً من نشاطاتنا العلميّة والفكريّة ـ طوال عشرين عاماً منصرمات ـ على دراسة القرآن الكريم واستجلاء حقائقه واستقصاء معارفه ومسائله ، وقد حقّقنا ـ في هذا السبيل ـ نجاحاً كبيراً والحمد لله.
وقد كان نتيجة ما حققناه ـ طوال هذه السنين ـ هو عرض نمط جديد للتفسير لم يكن له مثيلٌ فيما كتبه المفسّرون في هذا المضمار وهو تفسير القرآن حسب الموضوعات ، مستعينين في تفسير الآيات بنفس الآيات ، وكشف معضلاتها بمشابهاتها.