ورسوله بريئان منه ، أراه ما خلا الولد والوالد ، فلمّا استخلف عمر قال : إنّي لأستحيي الله أن أردّشيئاً قاله أبو بكر (١).
وهكذا نرى من يتصدر مقام الزعامة والقيادة في المجتمع الإسلاميّ ، يجهل حكماً إسلامياً ويعمد إلى رأيه الشخصيّ ، والأخذ بظنه.
رفعت إلى عمر بن الخطاب أمرأة ولدت لستة أشهر فهمّ برجمها ، فبلغ ذلك عليّاً فقال : « ليس عليها رجم » فبلغ ذلك عمر فأرسل إليه فسأله فقال : « قال الله تعالى : ( وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ ) ( البقرة : ٢٣٣ ) وقال : ( وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا ) ( الأحقاف : ١٥ ) فستّة أشهر حمله وحولان رضاعه فذلك ثلاثون شهراً » ، فخلاّ عنها (٢).
ولا يمكن القول بأنّ حكم هذه المسألة قد جاء في صريح الكتاب ، لأنّ معنى وروده في الكتاب العزيز هو أن يكون مفهوماً لأغلبية الصحابة ، ومعلوماً لهم ، وخاصّةً لمن يتصدر مقام الزعامة ، ولكن الواقعة بمجموعها تثبت بأن استخراجه وفهمه لم يكن مقدوراً إلاّ للإمام.
لقد شغلت هذه المسألة بال الصحابة فترةً من الزمن ... وكانت من المسائل المستجدّة بعد الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم التي واجهت جهاز الحكم.
__________________
(١) سنن الدارمي ٢ : ٣٦٥ ، تفسير الطبري ٦ : ٣٠ ، الجامع الكبير للسيوطي ٦ : ٢٠ ، تفسير ابن كثير ١ : ٢٦٠.
(٢) السنن الكبرى ٧ : ٤٤٢ ، مختصر جامع العلم : ١٥٠ ، تفسير الرازي ٧ : ٤٨٤ ، الدرّ المنثور ١ : ٢٨٨ ، ذخائر العقبى : ٨٢.