ويعنى من العول ؛ أن تقصر التركة عن سهام ذوي الفروض ، ولا تقصر إلاّ بدخول الزوج أو الزوجة في الورثة ، ومثال ذلك ، ما إذا ترك الميت زوجةً وأبوين وبنتين. ولمّا كان سهم الزوجة ـ حسب فرض القرآن ـ الثمن ، وفرض الأبوين الثلث ، وفرض البنتين الثلثين ، فإنّ التركة لا تسع للثمن والثلث والثلثين ، أو إذا ماتت امرأة وتركت زوجاً وأختين للأب ، فلمّا كان فرض الزوج النصف ، وفرض الأختين الثلثين ، زادت السهام عن التركة ، فهنا ـ عندما ـ يجب إدخال النقص على من له فريضة واحدة في القرآن ، وذلك كالأبوين والبنتين والأختين لاستحالة أن يجعل الله في المال ثمناً وثلثاً وثلثين ، أو نصفاً وثلثين وإلاّ كان جاهلاً أو عابثاً تعالى عن ذلك.
ولكن هذه المسألة لمّا طرحت على عمر بن الخطاب تحيّر ، فأدخل النقص على الجميع استحساناً وهو يقول : ( والله ما أدري أيكم قدّم الله ، ولا أيّكم أخّر ، ما أجد شيئاً هو أوسع لي من أن أقسم المال عليكم بالحصص وادخل على ذي حقّ ما أدخل عليه من عول الفريضة ) (١).
سئل عمر بن الخطاب عن رجل طلّق امرأته في الجاهلية تطليقتين وفي الإسلام تطليقةً فقال : ( لا آمرك ولا أنهاك ).
فقال عبد الرحمان بن عمر : ( لكنّي آمرك ، ليس طلاقك في الشرك بشيء ) (٢).
بينا عمر جالس في أصحابه إذ تلا هذه الآية ( فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبًّا * وَعِنَبًا وَقَضْبًا *
__________________
(١) أحكام القرآن للجصّاص ٢ : ١٠٩ ، مستدرك الحاكم ٤ : ٣٤٠ وصحّحه.
(٢) كنز العمال ٥ : ١٦١.