فها هو « أرسطو » كبير الفلاسفة القدامى وزعيمهم يقول :
« إنّ الدولة من عمل الطبع ، وإنّ الإنسان بالطبع كائن اجتماعيّ ، وإنّ الذي يبقى متوحّشاً ـ بحكم النظام لا بحكم المصادفة ـ هو على التحقيق إنسان ساقط أو إنسان أسمى من النوع الإنسانيّ » (١).
فإذن ، تعتبر الدولة ـ حسب رأي أرسطو ـ حاجة طبيعيّة تقتضيها الفطرة الإنسانيّة بحيث يعدُّ الخارج على الدولة ونظامها وتدبيرها إمّا متوحّشاً ساقطاً ، أو موجوداً يفوق النوع الإنساني ، ويخلو عن الطبيعة البشريّة.
وها هو « أفلاطون » يرى : « أنّ أفضل حياة للفرد لا يمكن الحصول عليها إلاّ بوجود الدولة ، لأنّ طبيعة الإنسان م آلها إلى الحياة السياسيّة ، فهي من الاُمور الطبيعيّة التي لا غنى للناس عنها » (٢).
وهذا هو ابن خلدون يستدلُّ على ضرورة وجود الدولة والحكومة بضرورة الاجتماع الإنساني التي يعبّر عنها في اصطلاح الحكماء بعبارة : « أنّ الإنسان مدنيّ بالطبع ».
ثمّ يستدلُّ على ذلك حتى ينتهي إلى إثبات ضرورة إيجاد الحكومة والدولة (٣).
وأمّا من المفكّرين المعاصرين ، فيكتب ثروت بدوي : « إنّ أوّل مقوّمات النظام السياسيّ هو وجود الدولة ، بل إنّ كلّ تنظيم سياسيّ للجماعة يفترض وجود الدولة ، حتّى أنّ البعض يربط بين مدلول السياسة وفكرة الدولة ، ولا يعترف بصفة الجماعة السياسيّة بغير الدولة » (٤).
هذا وما جاء في الإسلام وورد من نصوص وسيرة أكثر دلالةً ، وأقوى برهنةً على لزوم إيجاد الدولة في الحياة البشريّة ، من أي دليل آخر.
__________________
(١) السياسة : ٩٦ ترجمة أحمد لطفي.
(٢) الجمهوريّة بتلخيص.
(٣) مقدّمة ابن خلدون : ٤١ ـ ٤٢.
(٤) النُّظم السياسيّة : ١ ـ ٧.