عندما راجعت قريش يهود يثرب لمعرفة صدق ما يدّعيه النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قال لهم اليهود : سلوه عن ثلاث نأمركم بهنّ ، فإن لم يخبر بها فالرجل متقوِّل فروا فيه رأيكم :
١. سلوه عن فتية ذهبوا في الدهر الأول ، ما كان أمرهم ؟ فإنّه قد كان لهم حديث عجب.
٢. وسلوه عن رجل طواف قد بلغ مشارق الأرض ومغاربها ، ما كان نبؤه ؟
٣. وسلوه عن الروح ما هي ؟
فأقبلوا على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وطرحوا عليه الأسئلة المذكورة ، فأخبرهم عن أجوبتها ، وأخبرهم بأنّ الأوّل ، هم أصحاب الكهف الذين ذكرهم القرآن في سورة الكهف ، والثاني ، هو ذو القرنين الذي ذكره الله في سورة الكهف أيضاً ، وأمّا الثالث فقد أوكل علمه إلى الله بأمره حيث قال : ( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً ) ( الإسراء : ٨٥ ) ، وقد أخبر بكل ذلك بما أوحى الله تعالى إليه (١).
كما قدم جماعة من كبار النصارى وعلمائهم إلى المدينة لمحاججة الرسولصلىاللهعليهوآلهوسلم فاستدلوا لاعتقادهم في المسيح عليهالسلام بكونه ولداً لله ، بأنّه لم يكن له أب يعلم وقد تكلّم في المهد ، وهذا لم يصنعه أحد من ولد آدم قبله ، فأجابهم بما أوحى إليه الله سبحانه بأنّ أمر عيسى ليس أغرب من أمر آدم الذي لم يكن له لا أب ولا أمّ. فهو أعجب من عيسى الذي ولد من أمّ حيث قال الله في هذا الصدد : ( إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ ) ( آل عمران : ٥٩ ) (٢).
وعن أمير المؤمنين علي عليهالسلام أنّه اجتمع يوماً عند رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أهل خمسة أديان : اليهود والنصارى والثنويّة والدهريّة ومشركو العرب.
ثمّ وجّه كلّ طائفة من هذه الطوائف أسئلة عويصة ومشكلة إلى النبيّ الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم
__________________
(١) سيرة ابن هشام ١ : ٣٠٠ و ٥٧٥.
(٢) سيرة ابن هشام ١ : ٣٠٠ و ٥٧٥.