من ذلك فهل مسألة القيادة ، والإدارة والإمرة ـ وخصوصاً في تلك الظروف العصيبة وبالنسبة إلى تلك الاُمّة الناشئة ـ أقلّ شأناً ، وأهميّةً من المستحبّات والمكروهات التي ورد فيها الكثير الكثير من الأحاديث النبويّة ؟
* * *
إنّ المتتبع في تاريخ الصحابة والخلفاء والذين تعاقبوا على مسند الحكومة بعد النبيّ ، يرى بوضوح أنّ الطريقة التي اتبعها أولئك الصحابة ، والخلفاء كانت هي الطريقة الانتصابيّة لا الانتخابيّة الشعبيّة.
فالخليفة السابق كان يعين الخليفة اللاحق ، إمّا مباشرة أو بتعيين شورى تتولى هي تعيين الخليفة والاتفاق عليه ... ولم يترك أحد من أولئك الخلفاء أمر القيادة إلى نظر الاُمّة وإرادتها واختيارها ، أو يتكل على آراء المهاجرين والأنصار ، أو أهل الحلّ والعقد ليختاروا هم ـ بمحض إرادتهم ـ من يشاؤون للخلافة والإمرة.
فمن يلاحظ تاريخ الصدر الأوّل يرى ، أنّ خلافة ( عمر بن الخطاب ) تمت بتعيين من أبي بكر.
وأمّا خلافة ( عثمان بن عفان ) فتمت بواسطة شورى عيّن ( عمر بن الخطاب ) أفرادها وأمرهم بانتخاب الخليفة من بين انفسهم ، ولم يترك أحد من هؤلاء أمر القيادة إلى اختيار الاُمّة.
وإليك تفصيل الأمر في كيفية استخلاف أبي بكر لعمر بن الخطاب ... ويليه تفصيل لكيفية استخلاف عمر بن الخطاب لعثمان بن عفان.
قال ابن قتيبة الدينوري في تاريخ الخلفاء : ( ... دعا ( أبو بكر ) عثمان بن عفان ،