ولهذا يحذِّر المسلمين من الأخذ بها لأنّها لم تكن تمثّل أي صورة انتخابيّة صحيحة حتّى لو قيل بمشروعية تعين الخليفة عن طريق الانتخاب فيقول : ( فمن عاد إليها فاقتلوه ) (١).
وأمّا خلافة الإمام عليّ عليهالسلام فهي وإن أجمع المسلمون عليها ، وأقبل عليه الناس برمّتهم ، إلاّ أنّه عليهالسلام لم يستدلّ لخلافته باجتماع الآراء والأصوات عليه وانتخاب الناس له ، بل كان يستند غالباً بالنصوص النبويّة الواردة في حقّه عليهالسلام والتي تنص على خلافته من جانب الله سبحانه.
وما عليك إلاّ أنّ تستعرض ما قاله في يوم الرحبة.
عن الصحابيّ أبي الطفيل الليثي قال : جمع عليّ رضياللهعنه الناس في الرحبة ، ثم قال لهم : « أنشد الله كلّ أمرء مسلم سمع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول يوم غدير خم ما سمع لمّا قام » ، فقام ثلاثون من الناس وقال ، أبو نعيم : فقام ناس كثير فشهدوا حين أخذه بيده فقال للناس : « أتعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم » قالوا : نعم يا رسول الله ، قال : « من كنت مولاه فهذا مولاه ، اللّهمّ وال من والاه وعاد من عاداه » قال : فخرجت وكأنّ في نفسي شيئاً ، فلقيت زيد بن أرقم فقلت له : إنّي سمعت عليّاً رضياللهعنه تعالى يقول : كذا وكذا. قال : فما تنكر ؟ قد سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول له ذلك (٢).
وفي رواية أنّ علياً عليهالسلام نشد الناس من سمع رسول الله يقول من كنت مولاه فهذا مولاه فشهد له قوم وأمسك زيد بن أرقم فلم يشهد ، وكان يعلمها فدعا عليّ عليهالسلام عليه بذهاب البصر فعمي فكان يحدّث الناس بالحديث بعد ما كفّ بصره (٣).
__________________
(١) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١ : ١٢٣ ( طبعة مصر ).
(٢ و ٣) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١ : ٣٦٢ ، اسد الغابة٣ : ٣٠٧ و ٥ : ٢٠٥ ، والإصابة ٤ : ٨٠ ، ومسند أحمد بن حنبل ١ : ٨٤ ، ومجمع الزوائد ٩ : ١٠٧ ، ومطالب السؤل : ٥٤ ، شرح المواهب ٧ : ١٣ ، ذخائر العقبى : ٦٧ ، خصائص النسائيّ : ٢٦ وأسنى المطالب : ٣.