القادرين على إدارة البشريّة وكفايّة اُمورهم وهم ممن تتوفر فيهم مؤهّلات ، وكفاءات عالية ... ولا تعرف بالطريق العاديّ ، ولا تكشف بالتجربة والاختيار ولا تحصل إلاّ بإعداد إلهيّ ... وتربية ربانيّة.
بيد أنّ الإسلام إذ لم يشرّعه الله سبحانه إلاّ ليكون منهج حياة للبشريّة يتكفّل تنظيم حياتهم عامّةً ، ولم يكن له بدّ من التخطيط لموضوع الحكومة والدولة التي هي محور الحياة الاجتماعيّة وأساسها في جميع الأحوال وجميع الظروف والأزمنة ، فإذا لم يتسنّ للمجتمع التوصّل إلى الحاكم المنصوص عليه من جانب الله بالاسم ، لأسباب استثنائيّة ، وظروف خاصّة ، ولم يجز للإسلام إهمال مسألة الحكومة ، فلابدّ أن يكون له منهج رصين في هذا المجال ايضاً.
وبتعبير آخر أنّ ما ذكرناه لك في الصفحات الماضية والبحوث المتقدمة إنّما هو راجع إلى الظروف التي يوجد فيها إمام منصوص عليه يمكن التوصّل إليه بالأسباب العاديّة ، ويتسنّى له أن يباشر إدارة المجتمع وتدبيره.
غير أنّ المفروض في هذا العصر هو عدم وجود مثل ذلك الإمام فلابدّ أن يكون للدين الإسلاميّ تخطيط آخر قطعاً ... ولا شكّ أنّه تخطيط موجود في الشريعة ويمكن تحصيله بالدراسة والتحقيق ، إذ لا يمكن للإسلام أن يهمل هذه الناحية الحساسّة من حياة المجتمع على كلّ حال.
فلابدّ إذن للباحث عن الحقيقّة ، أن يتحرّى برنامج الإسلام في هذا المجال في الكتاب والسنّة ونصوص الأئمّة الإسلامييّن ، حتّى يستنبط ما يقرره الإسلام في مجال الحكم في هذه الظروف.
وهذا هو ما سنفعله في البحث القادم.
وفي الختام نأتي بما قاله الاستاذ محمّد الخضرّي :