الكريم عن فسادهم الكبير في الأرض.
وبعبارة آخرى : بما أنّ الملائكة تنسب الفساد وسفك الدماء إلى الخليفة المجعول في الأرض ، يعلم أنّ الخلافة هذه كانت عامّةً والاستخلاف كان شاملاً لجميع أبناء البشر.
ويمكن استظهار هذا المطلب من الآيات التالية أيضاً :
أ ـ ( هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ فِي الأَرْضِ فَمَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ ) ( فاطر : ٣٩ )
ب ـ ( أَمَّن يُجِيبُ المُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ ) ( النمل : ٦٢ ).
إنّ هاتين الآيتين ـ بإطلاقهما تفيدان أنّ المخاطبين بهما : خلفاء الله في أرضه وينبغي أن لا نتوهّم أنّ المراد هو خلافتهم عن الامم السابقة ، إذ لو كان المراد هو ذلك ، لوجب إلقاء الكلام على غير هذا النحو كما في بعض الآيات التي أريد منها خلافة امّة لاحقة عن امّة سابقة كقوله سبحانه : ( ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلائِفَ فِي الأَرْضِ مِن بَعْدِهِمْ ) ( يونس : ١٤ ) (١).
وصفوة القول : أنّ مقتضى هذه الآيات هو أنّ الله سبحانه شرّف الإنسان باستخلافه وجعله خليفته في الأرض ، فكان الإنسان بذلك خلقاً ممتازاً على جميع عناصر الكون ، وبهذه الخلافة والاستخلاف استحقّ أن تسجد له الملائكة تكرمةً وإعظاماً ، وإظهاراً لفضله ومقامه.
إنّ كون الإنسان خليفة الله في الأرض يقصد ( أو يستنتج ) منه أمران :
١. كون الإنسان خليفةً لله سبحانه في تمثيل أسمائه ، وصفاته الحسنى.
__________________
(١) وبهذا المضمون الآية (٧٣) من سورة يونس والآيتين ( ٦٩ و ٧٤ ) من الأعراف.