الحكومة في الحياة البشريّة : « إنّا لا نجد فرقةً من الفرق ولا ملّةً من الملل بقوا وعاشوا إلاّ بقيّم ورئيس لما لا بدّ لهم منه في أمر الدّين والدُّنيا ، فلم يجز في حكمة الحكيم أن يترك الخلق لما يعلم أنّه لابدّ لهم منه ، ولاقوام لهم إلاّ به فيقاتلون به عدوّهم ويقسّمون به فيئهم ، ويقيمون به جمعتهم وجماعتهم ، ويمنع ظالمهم من مظلومهم » (١).
وقد بلغت أهمية الدولة والحكومة في نظر الإسلام حداً جعلت هي السبب الأساسيُّ في صلاح أو فساد الاُمّة ، حيث قال النبيّ الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم : « صنفان من أمّتي إذا صلحا صلحت أمّتي ، وإذا فسدا فسدت امّتي ... ».
قيل : يا رسول الله ومن هم ؟
قال : « الفقهاء والامراء » (٢).
إنّ ضرورة وجود الدولة والحكومة في الحياة البشريّة الاجتماعيّة بديهيّة جداً عقلاً وشرعاً وتاريخيّاً بحيث لا تحتاج إلى سرد المزيد من الأدلة والاستشهادات ولذلك نكتفي بهذا القدر.
* * *
ولأجل هذه الأهمية التي تحظى بها الحكومة الإسلاميّة يتعيّن على علماء الإسلام أن يبذلوا غاية الجهد في توضيح معالمها ومناهجها وخطوطها وخصائصها في جميع العصور والعهود.
وسوف نذكر أنّ هذه الناحية الحسّاسة من حياتنا الاجتماعيّة قد أهملت في أكثر القرون كتابةً وتحقيقاً ودراسةً.
لم يكن وجود( الحكومة ) ووظائفها في النظام الإسلاميّ بدعاً يمكن أن يدّعيه
__________________
(١) علل الشرائع : ٢٥٣ ، الحديث مفصّل وجدير بالمطالعة.
(٢) تحف العقول : ٤٢.