كونه من اُمورهم ، إذ لا يدرى هل من شؤونهم وصلاحياتهم ، أم من شؤون الله سبحانه فعندئذ لا يجوز التمسّك بالآية في المورد.
وبعبارة ثالثة : هل أنّ الإمامة إمرة وولاية إلهيّة لتحتاج إلى نصب وتعيين إلهيّ ، أو هي إمرة وولاية شعبيّة ليجوز للناس أن يعيّنوا بالشورى من أرادوا للإمامة والخلافة ؟
ومع الترديد والشكّ ، لا يمكن الأخذ بإطلاق الآية المذكورة وتعميم ( أمرهم ) لأمر الإمامة ، لأنّه من باب التمسك بالحكم عند الشكّ في الموضوع ، وهذا نظير ما إذا قال أحد : ( أكرم العلماء ) فشككنا في رجل هل هو عالم أو لا ، فلا يجوز التمسّك بالعامّ في هذا المورد المشكوك والقول بلزوم إكرام الرجل.
ثمّ إنّ القائلين بمبدأ الشورى يتمسّكون بأحاديث في هذا المقام ، وربّما تمسّكوا بقول الإمام عليّ عليهالسلام إذ قال : « إنّه بايعني القوم الّذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان ، على ما بايعوهم عليه ، فلم يكن للشاهد أن يختار ، ولا للغائب أن يردّ وإنّما الشورى للمهاجرين والأنصار فإن اجتمعوا على رجل وسمّوه إماماً كان ذلك لله رضىً » (١).
ثمّ إنّ الشارح الحديديّ ، كان أوّل من احتج بهذه الخطبة على أنّ نظام الحكومة بعد وفاة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إنّما هو نظام الشورى وتبعه بعض من تبعه ، من دون رجوع إلى القرائن الحافّة بها ... والحال أنّ الاستدلال بالشورى استدلال جدليّ من باب : ( وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) ( النحل : ١٢٥ ).
وقد نقل نصر بن مزاحم المنقريّ المتوفّى عام (٢١٢ ه ) أي ١٤٧ عاماً قبل ميلاد ( الشريف الرضيّ جامع نهج البلاغة ) في كتابه القيّم ( وقعة صفّين ) العبارات
__________________
(١) نهج البلاغة : قسم الكتب الرقم (٦).