وفقها.
وقد وفّر الإسلام هذه البرامج والقوانين العادلة الصالحة للقاضي وذلك بالتعاليم التي زخر بها الكتاب والسنّة وسيرة الأئمّة الطاهرين ، ودوّنها الفقهاء في كتبهم الفقهيّة المفصّلة بدقّة وعناية وتفصيل. فإنّ القاضي يجد في هذه المصادر والبرامج أدقّ الحقوق والحدود وأعدلها ، ولو أخذ العالم في مجال القضاء بهذه البرامج والحقوق والحدود لعمّت العدالة كلّ أرجاء الأرض ، ولساد السلام والأمن ولاختفى الظلم والجور والشر.
ولقد أكّد الإسلام على القضاة أن يقضوا على ضوء الكتاب والسنّة ، وحرّم عليهم القضاء وفق أهوائهم وآرائهم الخاصّة.
هذا كلّه بالنسبة إلى البرامج الكليّة في صعيد العمل القضائيّ.
وأمّا تمييز الحق عن الباطل والمحق عن المبطل والمظلوم عن الظالم ومن له الحقّ ومن عليه ، فقد اعتمد الإسلام في تشخيصه وتمييزه على أوثق السبل وأكثر الوسائل اطمئناناً ، وهو الاستشهاد بالبيّنات والأيمان فقال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : « إنّما أقضي بينكُم بالبّينات والأيمان » (١).
نعم إنّ الاعتماد على هذا الأصل في إثبات الحقّ لا يمنع عن الاعتماد على غيرهما ممّا يفيد للقاضي علماً عاديّاً ، ولأجل ذلمك قال الفقهاء : ويجوز للقاضي العمل بعلمه.
قال صاحب شرائع الإسلام : « الإمام عليهالسلام يقضي بعلمه مطلقاً ، وغيره من القضاة يقضي بعلمه في حقوق الناس وفي حقوق الله سبحانه على قولين أصحّهما القضاء » (٢).
ولقد اشترط الإسلام في الشهود شروطاً من شأنها أن تمنعهم من شهادة الزور
__________________
(١) وسائل الشيعة ١٨ : أبواب كيفيّة الحكم ، الإيمان جمع اليمين أي الحلف والقسم.
(٢) شرائع الإسلام في آداب القضاء.