قال الإمام عليهالسلام : « وهل العيش إلا هكذا » (١).
إنّ الحريّة الصحيحة في نظر الإمام عليهالسلام هو أن يستطيع الإنسان أن يختار عقيدته وولاءه بنفسه بعد أن يتبيّن له الرشد من الغيّ ، ليستطيع في ظلّ الاختيار الإراديّ الصحيح ، أن يسير في طريق التكامل الإنسانيّ المطلوب.
إنّ الحكومة النابعة من إرادة الشعب فضلاً عن الحكومة التي يدعو إليها الإسلام ، لا تهدف إلاّ حراسة مثل هذه « الحريّة المعقولة » التي تساعد المواهب والقابليات على التفتُّح والنموّ والتكامل ، فلا مخالفة ولا منع ولا تحديد.
هذا مضافاً إلى أنّ الحاكم في نظام الحكم الإسلاميّ بما أنّه من جانب الله سبحانه ، لا يأمر ولا ينهى إلا بما أمر الله به أو نهى عنه ، وهو تعالى لا ينهي عن شيء ولا يأمر إلاّ بما فيه كمال الإنسان وارتقاؤه وتفتُّح مواهبه ونموّها ، ودفع قابلياته واستعداداته إلى مرحلة الفعليّة والتحقّق ، والنضج.
وإليك شطراً من النصوص الإسلاميّة التي ترسم لنا بعض ملامح الحكومة التي ينشد الإسلام إيجادها وإقامتها ، آخذين هذه النصوص من القرآن الكريم والأحاديث الإسلاميّة الصحيحة.
إنّ الحاكم الإسلاميّ ـ في منطق القرآن وحسب تشريعه ـ ليس مجرّد من يأخذ بزمام الجماعة كيفما كان ، ويأمر وينهى بما تشتهيه نفسه ، ويحكم على الناس لمجرّد السلطة وشهوة الحكم ، بل هو ذو مسؤوليّة كبيرة وثقيلة أشار إليها القرآن الكريم بقوله :
( الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ المُنكَرِ وَللهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ ) ( الحج : ٤١ ).
__________________
(١) الكافي ٨ : ٢٢٩.