عمّاله الذين يعهد إليهم إدارة المناطق أن يركّزوا اهتمامهم على تربية الناس وتزكيتهم وتثقيفهم بالثقافة الإسلاميّة ... فها هو صلىاللهعليهوآلهوسلم عندما يولّي معاذ بن جبل يوصيه بأن يهتم بتربية الناس وتثقيفهم وتنمية معنوياتهم إذ يقول : « يا معاذُ علّمهم كتاب الله وأحسن أدبهُم على الأخلاق الصّالحة ... وأمت أمر الجاهليّة إلاّ ما سنّهُ الإسلامُ ... » (١).
هذا والحديث مفصل.
كما ويكتب لعمرو بن حزم حينما ولاّه نجران بأن يبالغ في تربية الناس إذ يقول : « بسم الله الرّحمن الرّحيم ... ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) عهد من رسُول الله لعمرو بن حزم حين بعثهُ إلى اليمن أمرهُ بتقوى الله في أمره كلّه فإنّ الله مع الذين اتّقُوا والذين هُم محسنُون ، وأمرهُ أن يأخُذ بالحقّ كما أمره الله وأن يبشّر الناس بالخير ويأمُرهُم به ويُعلّمُ الناس القُرآن ، ويفقّههم فيه وينهى الناس فلا يمسُّ القُرآن إلاّ وهُو طاهرُ إنسان ، ويخبرُ الناس بالذي لهم والذي عليهم ، ويلين لهُم في الحقّ [ أي ينشر الحقّ بينهُم وينفذه بأساليب ليّنة تستهويهم ] ويشتدّ عليهُم في الظلم فإنّ الله كره الظُلم ونهى عنهُ ، وقال ( أَلا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ) ويُبشّر الناس بالجنة وبعملها ويُنذر الناس النار وعملها ويستألف النّاس حتّى يفقهوا في الدّين ، ويُعلّم النّاس معالم الحجّ وسُننه وفرائضه » (٢).
إلى غير ذلك من الوصايا التي كان النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم يوصي بها من يولّيهم شؤون البلاد وإدارة المناطق المختلفة ، ويدعوهم فيها إلى الاهتمام بالجوانب الروحيّة والمعنويّة والأخلاقيّة ، إلى جانب اهتمامهم بالجوانب الاقتصاديّة الماديّة.
__________________
(١) تحف العقول ( طبعة بيروت ) : ٢٧.
(٢) تنوير الحوالك في شرح موطأ مالك للسيوطيّ ١ : ١٥٧ ، والطبريّ ٢ : ٣٨٨ ، والبداية والنهاية ٥ : ٧٦ ، وسيرة ابن هشام ٤ : ٥٩٥ ومصادر اُخرى هذا والحديث مفصّل وفيه تعاليم اقتصاديّة وإداريّة واجتماعيّة مفصّلة.