داخل النفوس البشريّة ، وإثارتها من مكامنها ، وإلى ذلك يشير قول الإمام عليّ عليهالسلام وهو يصف مهمّة الأنبياء : « فبعث فيهم رسله ، وواتر إليهم أنبياءه ، ليستأدوهم ميثاق فطرته ، ويذكّروهم منسيّ نعمته ، ويحتجّوا عليهم بالتبليغ ، ويثيروا لهم دفائن العقول » (١).
ولأجل ذلك أيضاً أمر الله سبحانه نبيّه محمّداً صلىاللهعليهوآلهوسلم بأن يذكّر الناس بما خلقوا وفطروا عليه فقال : ( فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ ) ( الغاشية : ٢١ ).
ولقد أشبعنا الكلام ـ في الجزء الأوّل ـ عند البحث عن المعرفة الفطريّة ، وقلنا بأنّ الدين ، واُصول فروعه الكليّة مركوزة في النفس البشريّة ، وهو شيء أشار إليه قوله سبحانه : ( فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ) ( الروم : ٣٠ ).
فما هو المفطور عليه البشر هو الدين بمعناه الوسيع الشامل للعقيدة والأخلاق والقيم والسجايا وقد روى الفريقان عن النبيّ الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم قوله : « ما من مولود إلاّ يولد على الفطرة ثمّ أبواه يهوّدانه أو ينصّرانه أو يمجّسانه. ثُمّ قال : ( فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ) » (٢).
وتتلخّص عوامل تكوين الشخصيّة وأجواء التربية في ثلاث اُمور أساسيّة هي :
١. الوراثة.
٢. التعليم.
٣. البيئة.
ولقد اهتم الإسلام بهذه الاُمور الثلاثة اهتماماً بالغاً ، ورسم لها برامج ومناهج
__________________
(١) نهج البلاغة : الخطبة الاُولى.
(٢) تفسير البرهان ٣ : ٣٦١ ، التاج الجامع للاُصول ٤ : ١٨٠.