جاء حول أهل العلم ورجاله وطلاّبه من التجليل والتبجيل والاحترام والتكريم.
فقد قال سبحانه في كتابه الكريم : ( قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الأَلْبَابِ ) ( الزمر : ٩ ).
وقال أيضاً : ( يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ) ( المجادلة : ١١ ).
ويكفي للتدليل على شدّة اهتمام الإسلام بالعلم والعلماء أنّه وردت مادّة ( العلم ) في الكتاب العزيز ما يقارب (٧٧٩) مرّة (١).
وأيّ أمر أدل على هذا الاهتمام والعناية من افتتاح الله سبحانه وحيه لنبيّه محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم بذكر العلم والقلم ، فلقد ابتدأت الآيات التي نزلت على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في مطلع البعثة الشريفة بالأمر بالقراءة ، وتحدثت عن القلم ، وتعليم الإنسان ما لم يعلم ، إشارة إلى أعظم موهبة إلهيّة بعد نعمة الخلق والإيجاد ، إذ قال تعالى : ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ) ( سورة العلق : ١ ـ ٥ ).
فهذه الآيات التي نزلت في بدء الدعوة وشروع الرسالة المحمديّة كانت بمثابة الخطب الافتتاحيّة التي يفتتح بها الرؤساء والقادة عهود حكمهم ورئاستهم ويبيّنون فيها منهج سياستهم وأهمّ الخطوط في برنامجهم للمستقبل ، فكما أنّ هذه الخطب بحكم كونها ترسم السياسة المستقبليّة لذلك الرئيس ـ تأتي مدروسة الألفاظ ، دقيقة المعاني ، محسوبة العبارات وتكون مهمّة غاية الأهمّية لأنّها تعكس أهمّ أغراض الحاكم وأبرز اهتماماته ، يكون افتتاح الوحي الإلهيّ بذكر العلم والقراءة والقلم وهو كناية عن الكتابة دليلا ـ وأيّ دليل ـ على العناية القصوى التي يحضى بها ( العلم ) في النظام الإسلاميّ.
وأيضاً يكفي للتدليل على هذه العناية الإسلاميّة القصوى بالعلم أنّ الله تعالى أقسم ـ في كتابه الكريم ـ بالقلم بقوله سبحانه : ( ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ ) ( القلم : ١ ).
__________________
(١) راجع لذلك : المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم مادّة ( علم ).