الوضعيّة هي :
أوّلاً : انّ الحقوق والقوانين التي جاء بها الإسلام تستمدّ اُصولها ، وجزئياتها من ( الوحي الإلهيّ ) ، ولذلك فهي لا تقبل التغيير والتبديل ، ولكنّ الحقوق التي طرحتها الأنظمة البشريّة فحيث أنّها تنبع من العلم البشريّ المحدود فهي تتعرّض دائماً للتغيير ... والتطوير لضيق آفاق العقل البشريّ.
ثانياً : أنّ الحقوق في الإسلام حيث تكون تابعة للمصالح والمفاسد الواقعية ونابعة من الملاكات الحقيقيّة فإنّها لا تخضع لأيّ زيادة أو نقصان وأيّ تطوير وتحوير ، لانّها تقوم على أساس الواقع الإنسانيّ الثابت ، والفطرة الحقيقيّة التي لا تتغيّر ، والمصالح والمفاسد الموجودة في أفعال الإنسان وأعماله ، ولكنّ الحقوق التي عرضتها الأنظمة والقوانين الوضعيّة حيث تنبع من الأهواء والميول والرغبات الفرديّة أو الجماعيّة فإنّها كثيراً ما تنالها أيدي التطوير والحذف لما يظهر فيها من عجز وضعف.
نعم إنّ القوانين والحقوق الإسلاميّة وإن كان بعضها يتغيّر شكلاً وإطاراً لكنّها لا تتغيّر جوهراً ومضموناً ، ولقد أشبعنا القول في هذا الأمر في بحث الخاتميّة (١).
ثالثاً : إنّ القوانين الإسلاميّة حيث تكون صادرة من مصدر ربّانيّ وتكون موجّهة إلى مؤمنين معتقدين بشرائعه ووعوده ومواعيده تتمتّع طبعاً وبالذات بخاصّية الانقياد النفسيّ والخضوع الكامل والطاعة التامّة لها.
وحيث تكون القوانين الوضعيّة البشريّة صادرة من الأدمغة البشريّة لا يجد الإنسان أي دافع ذاتيّ إلى التقيّد بها وتطبيق العمل عليها إلاّ بدافع الإكراه وتحت طائلة القانون ، وخوفاً من سلطات الدولة.
ولا يخفى على أي ذي لبّ رجحان الأوّل على الثاني في ميزان الحياة.
ثمّ إنّ اُمّهات هذه التقسيمات الحديثة الثمانية من القوانين والحقوق موجودة
__________________
(١) راجع هذا البحث في الجزء الثالث من المجموعة القرآنيّة التي تفسير الآيات تفسيراً موضوعياً وفي ضوء القرآن.