اللائقة بين شعوب الأرض.
بل وعلى هذا الأساس الاقتصاديّ قامت العلاقات الدوليّة ، والروابط السياسيّة بين الحكومات والشعوب.
نعم إنّ الفرق بين النظام الإسلاميّ والنظامين الرأسماليّ والاشتراكيّ هو أنّ الاقتصاد في الإسلام يشكّل أصلاً هاماً إلى جانب الاُصول الهامّة الاُخرى ـ كما ظهر من البيان السابق ـ لا أنّه الأصل الوحيد الذي تقوم عليه سائر المسائل الأيديولوجيّة ، والأخلاقيّة ، والسياسيّة كما تدّعيه الاشتراكيّة ، أو تذهب إليه الرأسماليّة عمليّاً.
ونعود لنقول إنّ أفضل ما يدلّ على أنّ الاقتصاد في الإسلام يشكّل أحد الاُصول ، الهامّة هو أنّ أكثر الكتب الفقهيّة تتركّز على ذكر القوانين المتعلّقة بالاقتصاد ، وتعقد أبواباً خاصّة كأبواب المكاسب ، والشفعة والإقالة والصلح والمضاربة والمزارعة والمساقاة والإجارة والجعالة والعارية والقسمة ، والدين والرهن والحجر والمفلس والضمان والحوالة ، والهبة والوقف والصدقة ، والصيد والذباحة والغصب وإحياء الموات ، والمشتركات واللقطة والإرث وأحكام الأبنية والأرضين وما شابه ذلك.
هذا مضافاً إلى أنّنا نجد القرآن يقرن ذكر الصلاة بذكر الزكاة كلّما تحدث عن تلك العبادة وقد تكرّر ذلك في القرآن ما يقارب ٣٢ مرّة تقريباً ، ومن المعلوم أنّ الأوّل ينظّم علاقة المخلوق بالخالق ، والثاني ينظّم علاقة الفرد بالمجتمع ؛ واقتران كلّ من الأمرين بالآخر يشهد بأنّ هناك بين المعاش والمعاد صلة وثيقة ، وارتباطاً لا ينفك ّ.
ثمّ لمّا كان الإسلام منهجاً كاملاً وكافلاً لاحتياجات المجتمعات البشريّة ماديّها ومعنويّها ، اقتضى ذلك أن يكون له ( منهج اقتصاديّ واحد ) يخضع له الجميع ، ويكون قادراً على رفع تلك الاحتياجات ، ومتمشّياً مع الحاجات المتجدّدة ، والاكتشافات الحديثة ، ومتمكّناً من إقامة التوازن بين الإنتاج والتوزيع ، وموفّراً لكلّ أعضاء المجتمع