إنّ العدالة الاجتماعيّة هي الأصل والأساس ، وهي الهدف الأسمى والمطلب الأعلى في الاقتصاد الإسلاميّ ، وهو أصل حاكم على كلّ برامجه ، ومقرّراته وتعاليمه.
إنّ تمركز الثروة عند طبقة خاصّة وتكدّسها عند جماعة معدودة أمر مرفوض في منطق الإسلام رفضاً قاطعاً ، لأنّه يتنافى وأصل العدالة الاجتماعيّة التي يسعى الإسلام إلى إقامتها ونشرها في المجتمع البشريّ ، فيجب على ( الحاكم الإسلاميّ ) أن يخطّط للاقتصاد تخطيطاً يضمن تداول الثروة بين جميع أبناء الاُمّة بصورة عادلة ، ويحول دون تداولها بين الأغنياء خاصّة ... الذي منع عنه القرآن الكريم بقوله : ( كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاءِ مِنكُمْ ) ( الحشر : ٧ ).
ولأجل ذلك حرّم الإسلام ( الكنز ) (١) كما يقول سبحانه : ( وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ) ( التوبة : ٣٤ ).
ولتحقيق هذه العدالة الاجتماعيّة المتوخّاة ، يرفض الإسلام أي تمييز واستثناء بين أفراد الاُمّة الإسلاميّة ، ومن هنا لا تختصّ المنابع الطبيعيّة التي سنشرحها في الأنفال والأرض منها خاصّة ، بفئة دون فئة ، أو فرد دون فرد ، أو طبقة دون طبقة ... بل للدولة الإسلاميّة حقّ النظارة وأولويّة الاستفادة منها وصرف عائداتها في مصالح الشعب بلا تمييز ولا استثناء ، أو قيام أفراد الشعب بأنفسهم باستثمار تلك المنابع حسب الضوابط التي تستوجبها المصلحة الراهنة.
كما أنّ الإسلام خطى خطوة اُخرى في سبيل تحقيق هذه العدالة فنهى عن الإسراف والتبذير لأنّ في ذلك إهدار للطاقات ، وتضييع لحقوق الآخرين ، وهو أمر
__________________
(١) وللبحث حول حقيقة الكنز وبماذا يتحقّق مجال آخر.